محصول فی علم الأصول

جعفر سبحانی تبریزی

نسخه متنی -صفحه : 509/ 211
نمايش فراداده

1ـ الكلام في تفسير حقيقة الوجوب والندب

لا شكّ أنّ الوجوب والندب من أقسام البعث الإنشائي، وإنّما الكلام فيما يحصل به امتياز أحدهما عن الآخر. قيل فيه وجوه:

1ـ إنّهما مشتركان في البعث الإنشائي غير أنّالوجوب يتميّز عن الندب، بأنّه البعث المنضمّ إليه المنع من الترك، فيكون الندب هو البعث لا معه.

يلاحظ عليه: أنّه إنّما يصحّ لو كان المتبادر من الوجوب و الندب أمراً مركّباً مثل ما ذكر، و لكنّه ليس كذلك، بل المتبادر منهما أمر بسيط و هو الحتمية في الأوّل و عدمها في الثاني و إنّما يصل إلى التركيب، العقل بالتعمل و التحليل الفلسفي مع أنّا نراهما متمايزين قبل التحليل،فلابدّ أن يكون ملاك الميز أمراً قبل ذاك التحليل. و سيوافيك بيانه في القول الثالث.

2ـ الوجوب هو الطلب الموجب لاستحقاق العقوبة عند مخالفته. فالاستحقاق فصل يميّز الوجوب عن الندب. و الاستحباب هو الطلب غير الموجب له.

يلاحظ عليه: أنّ استحقاق العقوبة و عدمه من آثارهما بعد تحقّقهما، و الكلام في مقوّماتها، و المقوّم يجب أن يكون مقارناً لا متأخّراً.

3ـ الظاهر أنّ الوجوب والندب يتميزان ثبوتاً و إثباتاً بوجه.

أمّا الثبوت فانّ الوجوب هو البعث المسبوق بالإرادة الشديدة بحيث لا يرضى الآمر بترك المبعوث إليه، و الندب هو البعث المسبوق بإرادة غير شديدة بحيث يرضى الآمر بترك المبعوث إليه. و شدّة الإرادة و ضعفها يتبعان مصالح و غايات، لازمها وجوب الاستيفاء أو عدمه.

و إن شئت قلت: البعث الإنشائي فعل اختياري للنفس، فلابدّ في تحقّقه