البعث واستعمالها في موارد الترجّي والتمنّي لا ينحصر في اختلاف الدواعي والبواعث، بل يظهر الاختلاف في متعلّق الإرادتين الاستعمالية والجدّية، فعلى المختار إذا استعملت الصيغة في إنشاء البعث لأجل الدعوة إلى العمل، يكون متعلّق الإرادتين شيئاً واحداً و هو إنشاء البعث. و أمّا إذا استعملت لداعي الترجّي أو التمنّي أو التعجيز يكون متعلّق الإرادة الاستعمالية هو إنشاء البعث، و متعلّق الإرادة الجدّية هو إفادة التمنّي أو الترجّي أو التعجيز.
ثمّ إنّ استعمال صيغ الاستفهام والترجّي و التمنّي في كلامه سبحانه ليست على ظواهرها و إلاّ لاستلزمت الجهل والعجز ، تعالى عن ذلك، و إنّما يستلزم ذلك لو كانت تلك المفاهيم متعلّقة للإرادة الاستعمالية و الجدّية، و أمّا إذا كانت متعلّقة للأُولى دون الثانية و كان الهدف من استعمال تلك الصيغ الانتقال إلى مقاصد أُخر كإفهام محبوبية الحذر في قوله سبحانه: (لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) .(1)
أو غير ذلك كأخذ الإقرار في قوله: (هَلْيَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لايَعْلَمُونَ)(2)فلايلزم شيء من المفاسد.
2ـ صيغة الأمر
المبحث الثاني
ما هو المتبادر من صيغة الأمر
هل يتبادر من صيغة الأمر، الوجوب، بأحد الوجوه الخمسة الآتية أو لا؟
ويقع الكلام في مقامين:
الأوّل: الكلام في حقيقة الوجوب والندب.
الثاني: هل هناك ما يدلّ على الوجوب بأحد الوجوه الآتية أو لا؟
(1) التوبة:122.(2) الزمر:29.