صفة له فهو قديم ممنوعة، لكون صفاته على نوعين: صفة ذات و صفة فعل. و ما هو قائم بذاته و قديم، إنّما هو صفة الذات لا صفة الفعل.
ما هو المقصود من الكلام النفسي؟
المشكلة كلّها هي في توضيح ما هو المقصود من الكلام النفسي القائم بذاته، الذي هو ـ في الوقت نفسه ـ غير العلم في الإخبار، و غير الإرادة و الكراهة في الإنشاء. وقد حاول متأخّروا الأشاعرة توضيحه، و إليك فيما يلي نصوص أعلامهم:
1ـ قال السيد الشريف في شرح المواقف : «هذا الذي قالته المعتزلة لا ننكره نحن بل نقوله و نسمِّيه كلاماً لفظياً ونعترف بحدوثه وعدم قيامه بذاته تعالى و لكنّا نثبت أمراً وراء ذلك، و هو المعنى القائم بالنفس الذي يعبَّر عنه بالألفاظ، وهو الكلام حقيقة و هو قديم بذاته تعالى، وأنّه غير العبارات ، و تختلف العبارات ولا يختلف المعنى، و ليس تنحصر الدلالة عليه، إذ قد يدلّ عليه بالإشارة و الكتابة، و لأجل ذلك قيل:
إنّالكلام لفي الفــؤاد وإنّما * جعل اللسان على الفؤاد دليلاً
و الطلب الذي هو معنى قائم بالنفس لا يتغيّر مع تغيير العبارات.(1)
و بهذا البيان حاولت الأشاعرة إثبات وصف ذاتي له سبحانه وراء العلم في الإخبار و وراء الإرادة و الكراهة في الإنشاء.
2ـ و قال متكلّم الأشاعرة القوشچي في تقريب مقاصدهم: «إنّ من يورد صيغة أمر أو نهي أو نداء أو إخبار أو استخبار أو غير ذلك، يجد في نفسه معاني يعبّر عنها بالألفاظ التي يسميّها بالكلام الحسّي. فالمعنى الذي يجده في نفسه و
(1) المواقف، ص 77، ولاحظ إحياء العلوم للغزالي، ج1، في صفاته سبحانه.