إكمال - محصول فی علم الأصول نسخه متنی

فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (1) وجه الاستدلال أنّالظاهر من الآية وجوب الاستباق نحو الخير الذي من أوضح مصاديقه فعل المأمور به، فلو عصى و لم يبادر في الآن الأوّل، يجب عليه ذلك في الآن الثاني بالملاك الأوّل و هكذا.

يلاحظ عليه أوّلاً: أنّ مفاد الآية هو تسابق العباد نحو العمل بالخير بأن يتسابق كلّ على الآخر، مثل قوله سبحانه: (وَ اسْتَبَقَا الْبابَ) (يوسف/25) و لا صلة له بوجوب مبادرة مكلّف إلى واجبه و إن لم يكن هناك مكلّف آخر.

وثانياً: انّالظاهر من الخيرات هو الشريعة الإسلامية الغرّاء، وترك تبعية الأهواء، بقرينة صدر الآية: (وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَبِالْحَقّ) و قوله: (لِكُلّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً)فالآية تكون أجنبية عمّا نحن بصدده، أضف إليه ما ذكرناه حول الآية الأُولى.

وقد أجاب المحقّق العراقي بأنّه يلزم من حمل الآية على وجوب الاستباق، المحال فانّالاستباق بمفهومه يقتضي وجود عدد من الخيرات يتحقّق الاستباق بفعل مقدار منها، و ينتفي في المقدار الآخر، و لا ريب في أنّ المقدار الذي لايتحقّق الاستباق فيه هو من الخيرات، و على فرض وجوب الاستباق في الخيرات يلزم أن لا يكون المقدار الذي لا يتحقّق به الاستباق من الخيرات، لمزاحمته للمقدار الذي يتحقّق به الاستباق و على فرض انتفاء كونه من مصاديقها، يلزم عدم وجوب الاستباق فيما يتحقّق فيه. و ما يلزم من وجوده عدمه، محال.(2)

وهذا من عجائب الكلام لأنّ مزاحمة فرد لفرد آخر، لايخرج الواجب المزاحم عن الخبرية، إذ الفرض أنّ السقوط لأجل التزاحم، لا التعارض، كما لايخفى.

إكمال

لو قلنا بدلالة الصيغة على الفور إمّا بالدلالة اللفظية أو لكونه مقتضى

(1) المائدة:48.(2) بدائع الأفكار: 252.