الضدّ: و أيضاًحجّة القول بوجوب المقدّمة على تقدير تسليمها إنّما تنهض دليلاً على الوجوب في حال كون المكلّف مريداً للفعل المتوقف عليها.(1)
وهذه العبارة صريحة في أنّالواجب هوالمقدّمة لكن في ظرف إرادة ذيها مثل مفاد القضية الحينية، مثل قولك: كلّكاتب متحرّك الأصابع حين هو كاتب. فالحكم بتحرّك الأصابع و إن لم يكن مشروطاً بالكتابة، و إلاّ عادت القضية مشروطة، لكن الحكم لا يعمّ غير تلك الحال، فله ضيق ذاتي.
والباعث على انتخاب هذا القول، هو تصحيح العبادة المزاحمة لواجب أهم، كالصلاة بالنسبة إلى الإزالة.
توضيحه: أنّ القوم لمّا ذهبوا (على خلاف التحقيق) إلى كون ترك الضدّ مقدّمة لفعل الضدّالآخر، استنتجوا من ذلك، حرمة الضدّ المزاحم، لأنّما وجب تركه حرم فعله، وعلى ذلك تكون الصلاة المزاحمة للإزالة، حراماً، فلا تصحّ إذا أتى بها.
فانبرى صاحب المعالم إلى تصحيح الصلاة، فقال بأنّ ما هو المقدّمة ليس عبارةً عن مطلق ترك الضدّ بل الترك في ظرف إرادة ذيها، أعني الإزالة. ومع الصارف عنها وعدم إرادتها، لا يجب ترك الضدّ حتّى يصير فعله حراماً و يكون باطلاً، كما لا يخفى.
يلاحظ عليه: لو كانت المقدمة واجبة حين إرادة ذيها، يكون وجوب المقدمة عند ذاك لغواً، لأنّه إذا أراد ذيها، يأتي بالمقدّمة قهراً وطبعاً، سواء أمر بها الشارع أم لم يأمر، فيكون أمره بها لغواً، كما لا يخفى.
القول الثالث: وجوب المقدمة بشرط إرادة ذيها
نسب إلى صاحب المعالم أنّه يقول بوجوبها بشرط إرادة ذيها. لكنّه ـ مع عدم
(1) معالم الأُصول: 74.