التقسيم الثالث : تقسيمها إلى مقدّمة الوجود، و مقدّمة الصحّة، و مقدّمة الوجوب و مقدمة العلم
والملاك في هذا التقسيم غير الملاك في التقسيمين الماضيين، فانّ الملاك في الأوّل هو تقسيم المقدّمة بلحاظ نفسها، وفي الثاني تقسيمها بلحاظ حاكمها، و في هذا الثالث تقسيمها باعتبار ذيها.
فالمقدّمة التي يتوقّف عليها وجوب ذيها هي مقدّمة وجوبية، و التي يتوقّف عليها العلم بتحقّق ذيها مقدّمة علميّة. والتي يتوقّف عليها وجود ذيها، مقدّمة وجودية، والتي يتوقّف عليها صحّة ذيها كالطهارة من الحدث والخبث، مقدّمة الصحّة .
نعم تنظر المحقّق الخراساني في هذا التقسيم بأُمور نأتي بما ملخّصه (1):
1ـ إنّمقدّمة الصحّة، ترجع إلى مقدمة الوجود، أمّا إذا قلنا بأنّ ألفاظ العبادات أسام للصحيح منها فواضح، وأمّا على القول بأنّها موضوعة للأعم، و إن كان لا ترجع مقدمة الصحّة إلى مقدّمة الوجود لكن لمّا كان الواجب هوالصحيح من الصلاة لكون المأمور به هو الصحيح تكون مقدّمة وجودية للواجب والبحث في مقدّمة الواجب لا في مقدّمة المسمّى.
2ـ إنّ مقدّمة الوجوب خارجة عن محلّالبحث، لأنّه لولاها لما اتّصف الواجب بالوجوب، فكيف تتصف بالوجوب من قبل الواجب المشروط وجوبه بها.
3ـ أنّ المقدمة العلمية، كالصلاة إلى أربع جهات، ممّا يحكم بها العقل إرشاداً، ليؤمن من العقاب لا من باب الملازمة بين وجوبها ووجوب ذيها، فانّ ملاك الملازمة هو التوقف و هو منتف في المقام.
(1) كفاية الأصول: 1/144.