إذا كان القيد راجعاً إلى المادة، لماذا لا يجبتحصيله؟
إنّ هاهنا سؤالاً يتوجّه إلى الشيخ، وهو أنّه إذا كان الطلب فعليّاً مطلقاً، و كان القيد قيداً للواجب، فلماذا لا يجب تحصيل القيد ـ كالاستطاعة ـ مع إطلاق الوجوب و فعليته؟
وقد أجاب قدَّس سرَّه عن هذا السؤال، قائلاً بأنّالفعل المقيّد قد يكون ذا مصلحة ملزمة على وجه يكون الفعل والقيد مورداً للإلزام، و قد يكون متعلّق التكليف ذا مصلحة، لكن على تقدير وقوع القيد، لا على وجه التكليف. ففي كلّ هذه الصور ينبغي للحاكم أن يعبّر عن المقصود بلفظ يكون وافياً بمقصوده.(1)
وإلى ذلك ينظر قول المحقّق الخراساني في تقرير رجوع القيد إلى المادة لبّاً: «قد يكون القيد مأخوذاً فيه على نحو يكون مورداً للتكليف، و قد لا يكون كذلك، على اختلاف الأغراض الداعية إلى طلبه والأمر به».(2)
وقوله أيضاً: «فإنّه جعل الشيء واجباً على تقدير حصول ذاك الشرط. فمعه، كيف يترشح عليه الوجوب ويتعلّق به الطلب»؟(3)
يلاحظ عليه: أنّإطلاق المادة و إن كان مرتفعاً بورود القيد عليها، لكن إطلاق الوجوب باق بحاله و هو يقضي بلزوم تحصيله، سواء أكان القيد جزء أم شرطاً، غاية الأمر أنّالطلب يتعلّق بالقيد والتقيّد معاً في الأوّل، و بنفس التقيد في الثاني. والعقل يحكم بلزوم تحصيل القيد لأجل حصول التقيد، لو لم نقل بوجوب المقدمة، و إلاّ يكون القيد والتقيد واجبين. وما أفاده الشيخ إنّما يصحّ لو علم من الخارج أنّ المطلوب حصوله لا تحصيله.
(1) مطارح الأنظار: 49.(2) كفاية الأُصول:1/153.
(3) كفاية الأُصول:1/158.