ثمّ إنّ عدّ عدم المانع من أجزاء العلّة لا يخلو من تسامح، فانّ مرجعه إلى كون وجوده مانعاً، فاصطلحوا ـ مسامحة ـ على أنّعدمه شرط، و إلاّفالعدم أنزل من أن يكون جزء للعلة.
والملاك في هذا التقسيم هو كيفية تأثيرها في ذيها و قد عرفت في تعريف كلّمدى تأثيره في المعلول و ذيها.
التقسيم الخامس: تقسيمها إلى المتقدّمة والمقارنة والمتأخرة
هذا هو آخر التقسيمات التي ذكرت للمقدّمة و هو تقسيمها إلى المتقدّمة على الواجب، و المقارنة له، والمتأخرة عنه حسب الوجود. و الملاك في هذا التقسيم هو تقسيمها بحسب الزمان من حيث تقدّمها على الواجب أو مقارنتها له أو تأخّرها عنه.
و الذي دعاهم إلى هذا التقسيم هو ما رأوه من أنّالشرط في الأُمور الشرعية، منه ما هو متقدّم على مشروطه كما في الوصيّة التمليكيّة، كأن يوصى بشي من تركته لزيد، و منه ما هومقارن له كالعقل و البلوغ بالنسبة إلى عامة التكاليف، و منه ما هو متأخّر عنه كالأغسال الليلية المستقبلة بالنسبة إلى صحّة صوم المستحاضة في اليوم السابق فصار ذلك علّة لهذا التقسيم.
ثمّ الشرط إمّا شرط للتكليف، كالأُمور العامّة مثل العقل والبلوغ، أو شرط للوضع والصحّة، كالإجازة في الفضولي، أو شرط للمأمور به كالطهارة من الحدث والخبث بالنسبة إلى الصلاة، فتصير الأقسام تسعة. و أمثلتها واضحة.
وهاهنا إشكال معروف أوردوه على هذا التقسيم، وهو أنّالشرط جزء للعلّة التامّة، و هي متقدّمة على المعلول رتبة، و مقارنة له زماناً، و على ذلك يجب أن يكون الشرط في الموارد الثلاثة على نمط واحد، و هو المقارن، لا المتقدّم ولا