الله تعالى، و استدلّعلى ذلك بأمرين:
الأوّل: لو فرضناجماعة أرادوا إحداث ألفاظ، بقدر ألفاظ أيّ لغة لما قدروا عليه فما ظنّك بواحد.
الثاني: كثرة المعاني فانه يتعذّر تصوّرها من شخص أو أشخاص.(1)
يلاحظ عليه: أنّما ذكره إنّما يتمّ لو كان هنا واضع خاص أو أشخاص معيّنون، وأمّا على القول بأنّأصل كلّلغة و تكاملها، مرهون جهد الإنسان عبْر آلاف السنين فلا مانع من قيام أُمّة كبيرة بعمل خارج عن إحاطة الإنسان الواحد أو الجماعة القليلة، أعني وضع اللغة وإكمالها، حسب ما أُلهموا من قبل خالقهم سبحانه الذي قال: (الرَّحْمن* عَلَّمَ الْقُرانَ* خَلَقَ الإِنْسان* عَلَّمَهُ الْبَيان).(2)
***
الجهة الخامسة: ما هو الأقدم من أقسام الوضع
قد ظهر ممّا ذكرناه أنّ الأقدم من أقسام الوضع هو الوضع الخاص والموضوع له الخاص، لأنّالباعث لإبراز ما في الضمير هو مشاهدة الأُمور الجزئية فإذا رأى طيراً أو حيواناً، يتفوّه بكلمة تبعث توجّه المخاطب إليه، و لمّا كانت سائر الأفراد مثل الفرد الأوّل الذي رآه، يأخذ اللفظ لنفسه معنى عامّاً و كلّياً بعد ما لم يكن كذلك. فما ربّما يترائى من كون أسماء الأجناس من قبيل الوضع العام، محلّ تأمّل وإشكال، نعم لا شكّ في كونها حقيقة في المعنى المطلق بعد مرور زمن عن الوضع الأوّل.
***
(1) أجود التقريرات:1/12.(2) الرحمن/1ـ4.