الإشكالين أنّالأمر الغيري لتعلّقه بما ليس بمحبوب لا يُصحِّح العبادية وعلى فرض التسليم يلزم الدور وقد أُجيب عن ذلك بوجوه:
الجواب الأوّل: للمحقّق الخراساني
قال: إنّ المقدّمة فيها بنفسها مستحبّة وعبادة، وغاياتها (كالصلاة وقراءة القرآن) إنّما تكون متوقّفة على إحدى هذه العبادات، فلابدّ أن يؤتى بها عبادة، و إلاّ فلم يؤت بما هو مقدّمة لها، فقصد القربة فيها لأجل كونها في نفسها أُموراً عبادية،، و مستحبّات نفسية، لا لكونها مطلوبات غيرية.(1)
وأورد عليه المحقّق النائيني بوجوه:
أوّلاً: أنّه لا يتمّ في خصوص التيمّم الذي لم يدلّدليل على كونه مطلوباً في حدّ ذاته.
وثانياً: أنّ الأمر النفسي الاستحبابي ينعدم بعروض الوجوب.
وثالثاً: أنّه يصحّ الإتيان بجميع الطهارات بقصد الأمر النفسي المتعلّق بذيها، من دون التفات إلى الأمر النفسي المتعلّق بها.(2) (وحاصله أنّ الأمر النفسي المتعلّق بها مغفول عند الناس، فكيف يكون ملاكاً لتصحيح العبادية).
أقول: هذه الوجوه ضعيفة:
أمّا الأوّل: فلأنّ المرتكز في أذهان المتشرّعة أنّالتيمّم عبادة في ظرف خاص(إذا كان مقدّمة للصلاة) لغايات خاصة، و إن لم تكن الغاية فيه بسعة غاية الوضوء، فيجوز للجنب أن يتيمّم للصلاة و يأتي بها، و لكن لا يجوز له أن يمسّ الكتاب أو يمكث في المسجد، على القول بأنّه مبيح للصلاة. نعم، على
(1) كفاية الأُصول:1/177.(2) أجود التقريرات:1/175.