جواز المقدّمة، لكن جوازها في بدء الأمر غير مشروط بالإيصال بمعنى فعليّة الترتّب، و إنّما هو مشروط بكونها واقعة في طريق وجوده، و معه لا يكون طلب ذيها، طلباً للحاصل.
إلى هنا تمّت أدلّة المقدّمة الموصلة، وقدعرفت صحّة الأدلّة الثلاثة الأُولى التي ذكرها صاحب الفصول.
المقام الثاني: تحليل ما ردّ به وجوب المقدّمة الموصلة
قد استشكل على القول بوجوب المقدّمة الموصلة، بوجوه ستة:
الإشكال الأوّل: ما يظهر من صاحب الكفاية من أنّ تقييدها بالإيصال يوجب تقييد ذي الغاية بها و هو يستلزم أن يكون الشيء الواحد واجباً نفسياً وغيرياً حيث جعل ذو المقدمة من مبادئ المقدمة.
وإلى ذلك أشار في الكفاية بقوله: «إنّ الغاية لاتكاد تكون قيداً لذي الغاية بحيث كان تخلّفها موجباً لعدم وقوع ذي الغاية على ما هو عليه من المطلوبية الغيرية، وإلاّ يلزم أن تكون الغاية مطلوبة بطلبه كسائر قيوده.(1)
وأجاب عنه سيّدنا الأُستاذ ـ دام ظلّه ـ بأنّ وصف الموصلية أمر انتزاعي من وجود نفس ذي المقدمة في الخارج، و هو منشأ انتزاع لهذا الوصف. و ما هو قيد لوجوب المقدّمة إنّما هو ذاك الوصف الانتزاعي، دون منشأ انتزاعه الذي هو نفس وجود ذي المقدمة في الخارج. فما هو الواجب غيرياً إنّما هو وصف الانتزاع، وما هو واجب بالوجوب النفسي إنّما هو منشأ انتزاعه.(2)
يلاحظ عليه: أنّه إذا كان الواجب النفسي منشأ لحصول هذا الوصف
(1) كفاية الأُصول:1/190، ط المشكيني.(2) لاحظ تهذيب الأُصول:1/263، و ما ذكر في المتن أوضح ممّا جاء في نفس التهذيب.