وجه عدم التمامية
أوّلاً: أنّ الكاشفية عن الواقع ليست علّة للأمر بالعمل بها، حتى يدور الحكم مدار وجودها و عدمها. بل هي من قبيل الحِكَم و مصالح التشريع التي يكفي كونها موجودة في أكثر موارده.
وإن شئت قلت: نظراً إلى أنّالأمارة مطابقة للواقع غالباً فقد دعا الشارع إلى اعتبارها مطلقاً سواء أوافقت الواقع أم خالفته.
وثانياً: أنّدليل الإجزاء ليس نفس الأمارة الكاشفة عن الواقع، و إنّما هو الملازمة العرفية بين الأمر بالعمل بها، و الاكتفاء بها ـ في مقام الإطاعة ـ في تحصيل مقاصد الشارع، بما تؤدّي إليه، لكونها غالبية المطابقة.
كما يظهر النظر أيضاً، فيما ذكره من أنّلسان أدلّة حجّية الأمارة، هو التحفظ على الواقع، لا التصرّف فيه و قلبه إلى الواقع، فلو تصرّف فيه، و تغيّر الواقع على طبق مؤدّاها لدى التخلّف، لخرجت الأمارة عن الأمارية.(1)
للفرق الواضح بين رفع اليد عن الواقع فعلاً لا إنشاءً، و بين قلب الواقع إلى مفاد الأمارة فانّ الذي يخالف الطريقية هو الثاني لا الأوّل، كما لا يخفى.
و بعبارة أُخرى: إنّلازم القول بالتخطئة،هو وجود الحكم المشترك بين العالم و الجاهل، ولو إنشاء. و ثمرة ذلك الحكم الإنشائي هو أنّه إذا حصل العلم به ، يصير فعليّاً أو منجّزاً، و هذا يكفي في رفع التصويب. و أمّا كونه فعليّاً أو منجّزاً حتى في حقّ الجاهل، فلا دليل عليه، إن لم يكن الدليل على خلافه.فلو نسى قراءة الحمد أو السورة قبل الركوع، أو غير ذلك يحكم على العمل بالصحّة و لا ينافي ذلك مع كون المذهب هوالتخطئة، كما لا يخفى.
(1) المصدر السابق، ص 190 سطر 22.