مزيد التوضيح في باب الاستصحاب إن شاء الله.
2ـ إجراء الأصل في المسألة الفقهية
وأمّا إجراء الأصل في الحكم الفرعي، أعني: وجوب المقدّمة، فالأصل الجاري في مثل وجوب الوضوء المحتمل، هو إمّا البراءة أو الاستصحاب.
أمّا البراءة، فهي إمّا عقليّة أو شرعيّة، و الأُولى غير جارية هنا، لأنّملاكها ـ وهو احتمال العقاب ـ ليس بمحتمل هنا، إذ العقاب على الواجب النفسي لا المقدّمي.
والثانية إنّما تجري إذا كان في ثبوت الحكم كلفة، وفي رفعه امتنان، و المقام ليس كذلك، إذ لا كلفة في الثبوت، لعدم العقاب على تركها. كما لا امتنان في رفعه، لحكم العقل بالإتيان بها. فوجوب المقدّمة خارج عن مصبّ حديث البراءة. اللّهمّ إلاّ أن يقال دليل البراءة لا ينحصر بحديث الرفع.
وأمّا الاستصحاب، أعني: استصحاب عدم وجوب المقدّمة، فهو وإن تمّت أركانه، إلاّ أنّه لا يترتّب عليه أثر عملي، لحكم العقل بلزوم الإتيان بها و إن لم يحكم الشرع بوجوبها.
وإن شئت قلت: إنّ الحكم بعدم وجوبها شرعاً بعد حكم العقل بوجوبها، يجعل الاستصحاب عقيماً بلا أثر، والاستصحاب من الأُصول العملية المجعولة لتعيين وظيفة المكلّف من حيث العمل، فإذا لم تكن له فائدة في مورد العمل، فجريانه لغو.
نعم ذكر المحقّق الخراساني إشكالين في المقام وأجاب عنهما، وإليك تقريرهما:
الأوّل: إنّما يصحّ استصحاب عدم وجوب المقدّمة إذا كان متعلّق العدم