بالمركّب ولا يفي به، فلا دليل على لزوم تحصيله. و قد قال سبحانه مذعناً حكم العقل: (وَما كُنّا مُعَذِّبينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (1) و قال: (ما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَالْقُرى حَتّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً) (2) و الرسول كناية عن البيان. فالغرض الذي قام عليه البيان يجب تحصيله، ولا ريب أنّ الأمر بالمركّب يكشف عن تعلّق غرض به، فيجب على العبد تحصيله. و أمّا الغرض الحاصل بغير ما أُمر به فلا.
وإن شئت قلت: إن كان الشكّفي الخروج عن عهدة ما تعلّق به التكليف، فالمفروض الخروج عنه. و إن كان الشكّفي الخروج عن عهدة مطلق الغرض و إن كان قائماً بما لم يقع في إطار البيان، فليس عليه دليل سوى احتمال عدم سقوطه إلاّبداعي الأمر فلا دليل على لزوم الخروج عن عهدته.
ولو كان الشكّ في حصول الغرض سبباً للاحتياط لوجب الاحتياط عند الشكّ في الجزئية و الشرطية مع أنّالمحقّق الخراساني لم يقل فيه بالاحتياط بهذا الدليل و إنّما تمسّك بدليل آخر، من عدم انحلال العلم الإجمالي كما سيوافيك.
وقد نبّه على ما ذكرنا، المحقّق العراقي في تقريراته فقال: إنّالتقريب المذكور ليس موجباً للفرق بين المقام والأقل و الأكثر الارتباطيين، بل هو أحد الوجوه التي ذكرت للدلالة على لزوم الاحتياط فيهما.(3)
حكم الأصل العملي الشرعي
هذا كلّه حول البراءة العقلية و أمّا البراءة الشرعية فقد ذهب المحقّق الخراساني في تلك المرحلة إلى الاشتغال قائلاً بأنّه لابدّفي عمومها لشيء من كونه قابلاً للرفع والوضع، و ليس المقام كذلك، فانّ دخل قصد القربة و نحوها في الغرض ليس بشرعي، بل واقعي. و دخل الجزء و الشرط فيه و إن كان كذلك، إلاّ أنّهما قابلان للوضع والرفع شرعاً. فبدليل الرفع ـ و لو كان أصلاً ـ يكشف أنّه
(1) الاسراء:15.(2) القصص:59.
(3) بدائع الأفكار: 1/240.