بشيء مطلقاً، إلاّ ليعبدوا الله به، حتّى تكون الغاية من الأمر مطلقاً في تمام الموارد، عبادة الله سبحانه، بل المراد أنّهم لم يؤمروا (في مورد عبادة الله)إلاّ بالعبادة الخالصة من الشرك، و لكنّهم خلطوه بالشرك و لم يُخلِصوا العبادةَ له.
ويوضح ذلك أنّ الدين ورد في القرآن ستة مرّات، و أُريد منه في غالبها الطاعة، و هي المراد منه في الآية أيضاً، صرّح بذلك الراغب في مفرداته و الطريحي في مجمعه. و يكون معنى الآية: مخلصين له الطاعة. والتوحيد في الطاعة، مرتبة من مراتب التوحيد، و كلّ عبادة لا يخلو من طاعة أيضاً.
وعلى ذلك يكون مفاد الآية، ما ورد في سورة التوبة من قوله تعالى:
(اتَّخذُوا أَحبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحُ ابْنَ مَرْيَمَ وَ ما أُمِرُوا إلاّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَإِلاّ هُوَسُبْحانَهُ عَمّا يُشْرِكُونَ) (1) وقد أشرك أهل الكتاب، حيث أطاعوا أحبارهم و رهبانهم مثل إطاعة الله، و قدّموا أقوالهم على نصوص كتابهم. و لأجل هذا اتخذوهم أرباباً يملكون أُمورهم.
وأمّا طاعة النبي و أُولي الأمر، فليست إلاّ في طول إطاعته سبحانه، و أنّ من أطاع الرسول فقد أطاع الله. و قد ورد في تفسير الآية ما يؤيد المقال.(2)
الدليل الرابع
ما ورد في قوله ـ عليه السَّلام ـ : «إنّما الأعمال بالنيّات» و قوله ـ عليه السَّلام ـ : «لكلّ امرئ ما نوى»(3) أي و اقعية كلّعمل بنيّة القربة و إيجاد لله سبحانه، فيكون المراد من النيّة نيّة القربة فكلّعمل خلا عن نيّة القربة لا يُعدّ عملاً، فلا يحصل الامتثال.
يلاحظ عليه: أنّ الاستدلال مبني على تفسير النيّة في الحديث بنيّة القربة،
(1) التوبة: 31.(2) مجمع البيان:3/23.
(3) صحيح البخاري:1/16، كتاب الإيمان.