و من جانب آخر قد عرفت أنّالعرض الذاتي، عبارة عن المحمول المساوي للموضوع ولو باستيفاء أقسامه المتعاطفة، حتّى يصحّ تعلّق اليقين به. و كلّ واحدة من محمولات المسائل، و إن كانت أخصّ من موضوع العلم، لكنّها بضميمة ما يقابلها من المحمولات تكون مساوية له. كالحركة والسكون، فانّ كلّ واحد منهما ليس مساوياً للجسم الطبيعي، لكنّه بانضمام الآخر ، يكون مساوياً له.
و في ضوء هذين الأمرين تبيّن لزوم وجود الموضوع في كلّ علم حقيقي، أخذاً بماهية الغرض التي لا تنفكّ ـ في التحقّق ـ عن معروض. و يكون مجموع الأعراض مساوياً للموضوع، فيطلب الكلّ موضوعاً لنفسه، حتّى يعرض عليه.
و هذا هوالذي دعى إلى الحكم بأنّالعلوم الحقيقية لاتستغني عن الموضوع.
وهذا بخلاف العلوم الاعتبارية التي تُدوَّن لتأمين غرض واحد اعتباري، فموضوعية الموضوع، ومحمولية المحمول ، وكونها ذا غرض، أُمور فرضية لا صلة لها بتكوين، بل الكلّ قائم بالاعتبار. و في مثله يكفي اشتراك عدّة من المسائل في تأمين الغرض الواحد ، سواء أكان لها موضوع أم لا.
***
الجهة السادسة: في تمايزالعلوم
هل تمايز العلوم بتمايز الأغراض، أو بتمايز الموضوعات أو بتمايز ما هو الجامع لمحمولات مسائلها أو تمايز كلّ علم بنفس ذاته . وجوه أو أقوال:
أمّا الأوّل، فقد ذهب إليه المحقّق الخراساني فقال: بأنّتمايز العلوم، إنّما هو باختلاف الأغراض الداعية إلى التدوين لا الموضوعات ولا المحمولات، وإلاّ كان كلّ باب، بل كلّ مسألة من كلّعلم، علماً على حدة، فلا يكون الاختلاف بحسب الموضوع أو المحمول موجباً للتعدّد، كما لا تكون وحدتهما سبباً لأن يكون من