فإنّما يحكم لأجل وجوب دفع الضرر المحتمل فعندئذ لا يتجاوز كلامه عن حكومة قاعدة «وجوب دفع الضرر المحتمل» على قوله ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ: «رفع عن أُمّتي مالا يعلمون» مع أنّ المحقّق هو العكس، لأنّ موضوع القاعدة العقلية هو الشكّ في وجود الضرر و احتمال العقاب، و عدم المؤمّن و إطلاق الدليل الشرعي او الحاصل، يرفع ذلك الاحتمال فكيف يكون العقل حاكماً بلزوم الإتيان بقصد الأمر، لدفع الضرر المحتمل.
والحاصل أنّ العقل إنّما يحكم بلزوم الاشتغال في ظرف الشكّ إذا لم يكن دليل شرعي مرخّص حسب الظاهر و المفروض وجوده.
الثاني: إذا قلنا بعدم إمكان أخذه في المتعلّق بأمر واحد مع القول بالاشتغال عقلاً، لا تجري البراءة لأنّها لا تثبت أنّ متعلّق الأمر الأوّل تمام المأمور به إلاّعلى القول بالأصل المثبت، بخلاف ما إذا قلنا بإمكان أخذه في متعلّق الأمر الأوّل، فانّ الشكّ يرجع إلى انبساط الأمر على الجزء و القيد المشكوك فيه، فمع جريان البراءة يكون باقي الأجزاء بنظر العرف تمام المأمور به، فيكون من قبيل خفاء الواسطة.
يلاحظ عليه: أنّ العلم بكون متعلّق الأمر الأوّل تمام الموضوع، أمر غير لازم التحصيل، بل اللازم امتثال ما قامت عليه الحجّة سواء أكان تمام الموضوع أم لا.
إلى هنا تبيّن أمران:
الأوّل: أنّ مقتضى الأصل اللفظي في التوصّلية و التعبّدية ، هو التوصّلية.
الثاني: أنّ مقتضى الأصل العقلي والشرعي عند عدم وجود الإطلاق أو الشكّ في مقتضى الإطلاق هو البراءة.
وأمّا ما هو المعتبر في كون الشيء عبادة، فهل هو الإتيان بالشيء لأمره، أو يكفي الإتيان به لله سبحانه أو غير ذلك فموكول إلى محلّه.
***