ملتفت إلى أنّه تعبّدي أو توصلّي، أو قاطع بأنّه توصّلي قطعاً مخالفاً للواقع ففي هاتين الصورتين، لا يكون الأمر الثاني لغواً لعدم الالتفات إلى كون الأمر الأوّل تعبديّاً أو توصليّاً حتى يحتاط و حتى يأخذ بحكم العقل.
وثانياً: نفترض أنّه شاك في كونه تعبديّاً أو توصليّاً فلا يمكن للمولى أن يكتفي بحكم العقل بالاشتغال، لأنّقصد الأمر ليس من الأُمور الواضحة لدى العقول حتّى يتّكل المولى على حكمها، وينتفي ملاك أعمال المولوية، نعم لو كان الإتيان بهذا الملاك مقتضى جميع العقول، لكان للاتّكال مجال، و لكنّه ليس كذلك، فلإعمال المولوية، بل لزومه مجال.
وأورد عليه أيضاً المحقّق البروجرديقدَّس سرَّه إيرادين:
الأوّل: إذا كانت المصلحة قائمة بالمركّب من الصلاة و قصد الأمر، فكيف يبعث المولى عبده إلى الجزء(الصلاة) الفاقد للمصلحة؟
الثاني: أنّ الأمر الأوّل لمّا تعلّق بالفاقد للمصلحة لا يكون إلاّ أمراً صورياً، ولا يكون قصد الأمر الكذائي مصحّحاً لكون الشيء عبادة.(1)
والظاهر عدم تماميتهما أمّا الأوّل: فلأنّ الصلاة بما هي هي ، ليست مجرّدة عن المصلحة، بل هي حاملة لبعضها، وإن شئت قلت: «تعدّ مقتضياً بالنسبة إليها» و لأجل ذلك يصحّ الأمر بها نعم إنّما يمتنع إذا بعث إليها و اكتفى بالأمر الأوّل، و لأجل ذلك يصحّ الأمر بالأجزاء تدريجياً كما يصحّ دفعياً.
ومنه تظهر حال الجواب الثاني، إذ ليس الأمر الأوّل صورياً بل أمر جدّي غاية الأمر على نحو الأمر بالمقتضي كما مرّ.
التمسّك بالإطلاق اللفظي والمقامي و تحديدهما
إذا شككنا في كون شيء واجباً توصلياً أو تعبدياً، فتارة يُتمسك بالإطلاق
(1) نهاية الأُصول: 115، وفي عبارتها خلط بين الإشكالين.