بيان ثان للإجزاء في مورد تخلّف الأمارة
ثمّ إنّ سيّد مشايخنا المحقّق البروجرديقدَّس سرَّه ذهب إلى الإجزاء في باب الأمارات قائلاً بأنّ أدلّة حجّية الأمارة حاكمة على أدلّة الأجزاء و الشروط، قال: «وبالجملة : الرجوع إلى أدلّة الأُصول والأمارات المتعرضة لأجزاء المأمور به و شرائطه، يوجب العلم بظهورها في توسعة المأمور به بالنسبة إلى الشاك، و الحكم، بحكومتها على الأدلّة الواقعية المحددة للأجزاء والشرائط. و لازم ذلك سقوط الجزء أو الشرط الواقعي عن جزئيته أو شرطيته بالنسبة إلى هذا الشاك، و إن كان لولاها لوجب الحكم بانحفاظ الواقع على ما هو عليه، و لزم إحراز الأجزاء والشرائط الواقعية بعد تنجّز التكليف الصلاتي مثلاً.(1)
يلاحظ عليه: أنّذلك إنّما يتمّ، لو كان للشارع في باب حجّية الأمارات، وضع و جعل تأسيسي أو إمضائي والأوّل قطعيّ الانتفاء، إذ ليس فيه دليل شرعي يدلّعلى أنّه جعلها حجّة، بل كان العمل بالأمارة متعارفاًقبل بزوغ شمس الإسلام، و الثاني غير موجود فيما بين أيدينا من الأخبار، إلاّ شيئاً لا يذكر. والظاهر هو عدم الردع عند ما كان يعمل بها بمرأى و مسمع منه. و يدلّ عليه أنّه كثيراً ما أخبر الإمام عن وثاقة بعض أصحابه، وعدم وثاقة آخرين، الكاشف عن كون العمل بخبر الثقة أمراً مسلّماً. فإذا كان دليل الحجّية فاقداً للدليل اللفظي، فكيف يكون حاكماً على أدلّة الأجزاء والشرائط، مع أنّ الحكومة قائمة بلسان الدليل والأدلّة اللبية فاقدة له. والأولى التمسّك بما ذكرنا من الملازمة في دائرة المولوية و العبودية بين إمضاء العمل بقول الثقة، و الاكتفاء في مجال الطاعة بمقدار ما أدّت إليه الأمارة.
(1) نهاية الأُصول: 1/129.