وهذا الوجه ، و إن كان يلوح من عبارات صاحب الكفاية في أوّل بحثه، حيث قال: فما لم تكن نفس الصلاة متعلّقة للأمر لا يكاد يمكن إتيانها بقصد امتثال أمرها(1) لكنّه لا يعتمد عليه، ضرورة أنّاللازم هو كون المتعلّق مقدوراً في ظرف الامتثال، لا قبل البعث، ولا حينه وقد أشار إليه بقوله: «وتوهم إمكان تعلّق الأمر بفعل الصلاة بداعي الأمر و إمكان الإتيان بها بهذا الداعي ضرورة إمكان تصوّر الأمر بها مقيدة الخ...».
الدليل الثاني: استلزامه كون الأمر داعياً إلى داعوية نفسه
و قد أشار إلى هذا الدليل بقوله: «ضرورة أنّه و إن كان تصوّرها كذلك بمكان من الإمكان إلاّ أنّه لا يكاد يمكن الإتيان بها بداعي أمرها لعدم الأمر بها فانّ الأمر حسب الفرض تعلّق بها مقيدة بداعي الأمر و لا يكاد يدعو الأمر إلاّ إلى ما تعلّق به لا إلى غيره»(2)
توضيحه: إنّ الأمر لا يدعو إلاّ إلى متعلّقه، و المتعلّق هاهنا هو الشيء المقيّد بقصد الأمر. و المكلّف إمّا أن يقصد الأمر المتعلّق بنفس الصلاة وحدها، فهي ليست مأموراً بها حتى يقصد أمرها، و إمّا أن يقصد الأمر المتعلّق بها مع قصد الأمر، و هو محال، لاستلزامه كون الأمر داعياً إلى داعوية نفسه و محرّكاً لمحرّكية نفسه.
والحاصل: أنّ الأمر إمّا يدعو إلى امتثال نفس الصلاة، و هي ليست متعلّق الأمر. و إمّا يدعو إلى امتثال المركّب من الصلاة و قصد الأمر، و هو يستلزم كون الشيء داعياً إلى نفسه.
وهذا الوجه غير تام بكلا شقيه، إذ لنا أن نختار كلاً من الشقين و نجيب، فنقول:
(1) كفاية الأُصول:1/109.(2) كفاية الأُصول:1/109.