مسلك التعهّد
قال المحقّق النهاوندي (ت1317) في «تشريح الأُصول» : إنّحقيقة الوضع ليست إلاّالتعهّد بذكر اللفظ عند إرادة تفهيم المعنى الفلاني.
و شرحه تلميذه أبو المجد الإصفهاني و قال: الوضع عبارة عن التعهّد، أعني: تعهد المتكلم للمخاطب و التزامه له بانّه لا ينطق بلفظ خاص إلاّ عند ارادته معنى خاصاً أو أنّه إذا أراد إفهامه معنى معيّناً لا يتكلّم إلاّ بلفظ معيّن فمتى تعهّد له بذلك و أعلمه به حصلت الدلالة و حصل الإفهام.(1)
يلاحظ عليه أوّلاً: أنّالوضع عمل خاص يلازم ذاك التعهّد و ليس هو نفس ذاك التعهّد، والتعهّد والالتزام في مورد الوضع لأجل إخراجه عن اللغْوية وهو غاية للوضع و ليس حقيقته.
وثانياً: لو كانت حقيقة الوضع ذاك التعهّد، لزم كون كلّ مستعمِل واضعاً، لالتزام كلّ مستعمل تفهيم المعنى عند التكلّم باللفظ المخصوص و الالتزام به أمر غريب و إن التزم به بعض المحقّقين كما سيوافيك.
ثالثاً: أنّالالتزام بالتعهّد في الوضع، غير لازم بل يكفي كون جعل اللفظ في مقابل المعنى بداعي الانتقال إليه عند التكلّم كما هو الحال في سائر الدوال كالعلائم الرائجة لإدارة المرور.
وقد تفطّن المحقّق الإصفهاني لما ذكرناه من كون كيفية الدلالة والانتقال من اللفظ و سائر الدوال، على نهج واحد بلا إشكال فقال: فليس من ناصب العلامة على رأس الفرسخ إلاّ وضعه عليه بداعي الانتقال من رؤيته إليه، من دون أيّتعهّد منه.(2)
(1) أبو المجد: وقاية الأذهان:62، ط آل البيت.(2) المحقّق الاصفهاني: نهاية الدراية:1/14.