الواجب.
المقام الثالث
إذا ثبت وجود المقتضي لتعلّق الوجوب بالأجزاء، فهل هناك مانع عن اتصاف الأجزاء بالوجوب الغيري، و هواستلزامه اجتماع المثلين ، أو لا؟
ذهب إلى الأوّل المحقّق الخراساني، قائلاً بأنّالأجزاء بالأسر عين المأمور به ذاتاً، و إن كانت المغايرة بينهما اعتباراً، فتكون واجبة بعين وجوبه، و مبعوثاً إليها بنفس الأمر الباعث إليه، فلا تكون واجبة بوجوب آخر ، لامتناع اجتماع المثلين.(1)
فإن قلت: لا مانع من اجتماع الأمرين بتعدّد الجهة فالأجزاء بما هي صلاة واجبة بالوجوب النفسي و بما هي مقدمة واجبة بالوجوب الغيري.
قلت: إنّ تعدّد الجهة إنّما يجدي إذا كان العنوان، تقييدياً كالصلاة والغصب لا تعليلياً كما في المقام فانّالواجب بالوجوب الغيري، هو ذات الأجزاء، و كونها مقدّمة علّة لعروض الحكم واتصافها به و إلى ما ذكرنا ينظر قول المحقّق الخراساني «بأنّالواجب بالوجوب الغيري لو كان إنّما هو نفس الأجزاء لا عنوان مقدّميّتها والتوصل بها إلى المركّب المأمور به، ضرورة أنّ الواجب بهذا الوجوب ما كان بالحمل الشايع مقدّمة لأنّه المتوقّف عليه لا عنوانها.(2)
فإذا كانت المقدّميّة علة للحكم لا موضوعاً، يكون الشيء الواحد بعنوان واحد موضوعاً للوجوبين.
لا يقال: إنّالتماثل و التضادّ من الأحوال الخارجية بحسب وقوعها في ظرف الخارج، والوجوب والحرمة أمران اعتباريان و ليسا من المقولات التي لها نحو من الوجود في الخارج حتى يتحقّق فيهما حديث التماثل و التضاد.
(1) كفاية الأُصول:1/140ـ141.(2) كفاية الأُصول:1/140ـ141.