الداعي إليه في السعة و الضيق، و الزائد على ذلك لغو. و الغرض الباعث للواضع على الوضع هو قصد تفهيم المعنى من اللفظ وجعله آلة لإحضار معناه في الذهن عند إرادة تفهيمه، فلا موجب لجعل العلقة الوضعية أوسع من ذلك.
وإلى ذلك يشير المحقّق الاصفهاني بقوله: «العلقة الوضعية متقيّدة بصورة الإرادة الاستعمالية، وفي غيرها لا وضع، وما يرى من الانتقال إلى المعنى بمجرّد سماع اللفظ من لافظ غير شاعر فمن جهة انس الذهن بالانتقال من سماعه عند إرادة معناه».(1)
يلاحظ عليه: ما عرفت من أنّ الغاية إنّما هي إفادة الحقائق الواقعية بما هي هي لا بما هي مرادة كما عرفت في قولنا:«الماء جسم رطب سيال».
أضف إلى ذلك ما ذكرنا من أنّ الغرض الأوّل من الوضع هو إحضار المعنى في ذهن المخاطب لينتقل منه في مرتبة أُخرى إلى كونه مراداً للمتكلّم. وتلك الإرادة لا تُعْلَم من الوضع بل من الأُصول العقلائية.
فتبيّن أنّه لا وجه للقول بوضع الألفاظ للمعاني المرادة أو كون الدلالة تابعة للإرادة.
الجهة الرابعة:
أنّ الدلالة تنقسم إلى تصوّرية و تفهيمية و تصديقية.
أمّا الأُولى: فهي عبارة عن دلالة اللفظ على معناه عند سماعه.
و إن شئت قلت: الانتقال إلى المعنى من سماع اللفظ. وهي لا تتوقف على شيء ماعدا العلم بالوضع. و لأجل ذلك ينتقل الذهن إلى المعنى بمجرّد السماع و لو من لافظ غير شاعر.
(1) المحقق الاصفهاني: نهاية الدراية: 1/23.