ولا شكّ في دخول غير الأجزاء من المقدّمات الداخلية بالمعنى الأعمّ في محلّ النزاع، وإنّما الكلام في دخول الأجزاء فيه. وتوضيح الكلام فيه يتوقّف على البحث في مقامات ثلاثة:
1ـ هل يصحّ وصف الأجزاء بالمقدّمية؟
2ـ إذا صحّ الاتصاف، فهل هناك ملاك لاتصاف الأجزاء بالوجوب الغيري أو لا؟
3ـ على القول بوجود الملاك فيها، هل تتصف بالوجوب، أو لا تتصف لأجل وجود مانع عن ذاك الاتصاف و هو اجتماع وجوبين في مورد واحد؟
وفيما يلي نبحث في هذه المقامات الثلاثة.
المقام الأوّل
ذهب صاحب هداية المسترشدين (1) إلى عدم صحّة توصيف الأجزاء بالمقدّمية، لأنّ الأجزاء ليست إلاّنفس الشيء، وليس بينهما مغايرة وجودية.
وإن شئت قلت: المقدّمة تطلق على ما يقع في طريق وجود الشيء، والشيء لا يمكن أن يقع في طريق نفسه.
ولعلّه انتقل إلى هذا الإشكال في المقام ممّا يتخيّل في عدّ المادة و الصورة من أجزاء العلّة التامّة مع أنّ المعلول هو نفس المادة والصورة، فتتّحد العلّة والمعلول.
وقد أُجيب عمّـا ذكره بوجوه:
(1) هوالشيخ محمد تقي الاصفهاني النجفي أحد أركان علم الأُصول في القرن الثالث عشر توفي عام 1248هـ. و هو أخو صاحب الفصول الشيخ محمد حسين الغرويّ المتوفى عام 1254 هـ.و المقدمة الداخلية في كلام العلمين الإصفهاني، و الخراساني هي الأجزاء، لا كلّ جزء. بخلافها في نظر المحقّق البروجردي حيث جعل المقدمة كلّجزء بحياله، فلا يختلط عليك الأمر في تقرير كلماتهم.