الحقيقة، لأجل كون المجاز خلاف الظاهر المتبادر، ولا شكّ أنّالمتبادر هو إرادة واحد من المعاني لا أكثر لأنّ استعمال اللفظ في أكثر من معنى نادر ، فلا يصار إليه إلاّ أن يدلّعليه دليل.
الأمر السابع
هل يجوز استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي و المجازي معا؟يظهر حكمه ممّا سبق ، وأنّه لا مانع عقلي ولا قانوني منه. و ما نقل عن صاحب «المحجّة» من امتناعه نظراً إلى أنّالحقيقة والمجاز أمران متقابلان غير مجتمعين، غير تام، لاختلاف الجهة. فمن حيث إفادته المعنى الموضوع له يصير حقيقة، و من حيث إفادته المعنى غير الموضوع له يصير مجازاً.وهذا بخلاف الأعراض المتأصّلة، كالسواد و البياض، فلا يجري فيها اختلاف الحيثيات. و بذلك يجاب عن الشبهة في استعماله في المعنيين الحقيقيين أو المجازيين لاستلزامهما اجتماع المتماثلين.
الأمر الثامن
دلّت الروايات على أنّللقرآن تنزيلاً و تأويلاً و ظهراً و بطناً. فاستدلّالقائل بجواز استعمال المشترك في معنيين، بهذه الروايات فانّ للتأويل معنى غير التنزيل، و البطن، غير الظهر.أمّا أنّ لجميع القرآن تأويلاً ـ وراء التأويل لخصوص المتشابهات التي دلّت عليها الآية السابعة في سورة آل عمران(1)، فيدلّ عليه بعض الروايات و نكتفي
(1) (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتاب وَ أُخَر مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَالْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَتَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاّالله وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِكُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاّأُولُوا الأَلْباب) .(آل عمران/7).