محصول فی علم الأصول

جعفر سبحانی تبریزی

نسخه متنی -صفحه : 509/ 461
نمايش فراداده

وأورد عليه المحقّق الخراساني بأنّالعقل الحاكم بالملازمة، دلّ على وجوب مطلق المقدّمة، لا خصوص ما إذا ترتّب عليها الواجب فيما لم يكن هناك مانع عن وجوبه (كالأرض المغصوبة)، لثبوت مناط الوجوب حينئذ في مطلقها، وعدم اختصاصه بالمقيّد بذلك منها.(1)

وحاصله أنّ المناط رفع الإحالة و إيجاد التمكّن ، وهو موجود في جميعها.

وأجاب عنه المحقّق الاصفهاني بمنع كون الملاك هو حصول التمكّن من ذيها بوجودها، فإنّ التمكّن من ذيها حاصل بصرف التمكّن من المقدّمة و إن لم يأت بها. نعم، تتوقّف فعلية ذيها على فعلية مقدّمته و يتوقّف تحقّقه على تحققها. بل الملاك هو إيصالها إلى الواجب حيث إنّ الاشتياق إلى شيء لا ينفك عن الاشتياق إلى ما يقع في سلسلة علل وجوده، دون ما لا يقع في سلسلتها.(2)

وتحقيق ما ذكره هذا المحقّق هو أنّ تشخيص الغاية الذاتية عن العرضية، هو بانقطاع السؤال عندها وعدمه. فالسؤال ينقطع عند الإجابة بالغاية الذاتية، دون غيرها. فلو سأل سائل الآمر: «لماذا أوجبتَ المقدّمة؟ فأجابه: «لكونها موقوفاً عليها، سواء توصّل بها العبد أم لا». لا ينقطع السؤال لو استشعر أنّالمقدمة غير محبوبة في ذاتها، فيعود و يسأل: «إذا كانت غير مطلوبة بالذات، فلم تطلبها في صورة عدم كونها موصلة؟».

وهذا بخلاف ما إذا أجاب ابتداءً بقوله:«أوجبتُها لكي يتوصّل بها إلى المقصد». فانّ السائل يتوقّف عندها عن السؤال المجدّد.

وإن شئت قلت: إنّالمطلوب الذاتي هو التوصّل خارجاً، دون التوقف فلو فرض إمكان التفكيك بينهما، لكان الملاك هو التوصّل خارجاً دون التوقف. و بذلك يظهر أنّ أكثر إشكالات المحقّق الخراساني التي ساقها على صاحب

(1) كفاية الأُصول: 1/188.(2) نهاية الدراية، ص 205.