ولأجل ذلك استثنى الشيخ الأعظم من موارد البراءة كلّ مورد نعلم بأنّه لو كان هناك إلزام، فهو فعلي، كما في مورد النفوس والأعراض والأموال، فلو شككنا في احترام نفس أو إباحة عرض ومال، فهو محكوم بالاحتياط دون البراءة، و ما ذلك إلاّ لأنّالمورد داخل فيما ذكرنا من القاعدة الكلية من أنّكلّ مورد نحتمل فيه إلزاماً، و نعلم بأنّه لو كان في نفس الأمر فهو فعليّ، فعند ذلك لا نحرز إمكان جعل الحكم المخالف، و معه لا يمكن تطبيق قوله: «رفع» أو «لا تنقض» عليه.
وفي المقام «نحتمل الملازمة»، ونعلم أنّه على فرض وجودها، الإلزام بالمقدّمة فعليّ، و مع هذا كيف يجري استصحاب عدمُ الوجوب الذي يعود إلى القطع بعدم الوجوب فعلاً، مع احتمال وجوبه فعلاً لأجل احتمال الملازمة.
وبالجملة: الاستصحاب على فرض جريانه يفيد القطع بالحكم الفعلي، وهذا القطع لا يجتمع مع احتمال فعلية وجوب المقدّمة، كما هو مقتضى احتمال وجود الملازمة في الواقع.
وإن شئت قلت: إنّ مفاد جريان الاستصحاب هو نفي الوجوب الفعلي، حتى على فرض الملازمة بين الوجوبين، وهو خلف.
هذا غاية توضيح لما أفاده المحقّق البروجرديرحمه الله . ولكن للمناقشة فيه مجالاً، فانّما ذكره مبنيّعلى شرطية إحراز الإمكان الذاتي في جريان الأصل، أو الإمكان الوقوعي، وهومساوق للقطع بعدم فعلية الحكم الواقعي، مع أنّه غير لازم بل يكفي الإمكان الاحتمالي، وهو أعمّمن الإمكان الذاتي. و المقام من هذا القبيل، فانّه على القول بالملازمة، لا يصحّجعل حكم ظاهري على خلاف مقتضى الملازمة، بخلاف ما إذا قيل بعدمها، فانّه يصحّ بلا إشكال. و بما أنّ الملازمة غير محرزة، فالإمكان الاحتمالي موجود، وهو كاف في إجراء الأصل كما لا يخفى.
وإن شئت قلت: لا يجوز رفع اليد عن عموم «لا تنقض» بمجرّد احتمال