عند إطلاق الملك على الغلام الوجيه كما في قوله سبحانه: (ما هذا بَشَراًإنْ هذا إِلاّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) (1) بل الغرض إنّما يحصل إذا كان اللفظ مستعملاً في معناه لغاية ادّعاء العينية بينه و بين المعنى المجازي.
فإنّ الأسد في قوله:
لدى أسد شاكي السلاح مقذّف * له لُبـــد أظفـــاره لم تقـلّم
مستعمل في معناه الحقيقي أعني: الحيوان المفترس لغاية ادّعاء أنّ الرجل المعهود هو من مصاديق ذاك المعنى و لذا أثبت له اللبد والأظفار. فالمجاز مطلقاً ليس من قبيل التلاعب بالألفاظ، بل من قبيل التلاعب بالمعنى، إذ به يحصل الغرض منه و هو المبالغة.
كما أنّالشمس في قول القائل:
قامت تظلِّلني ومن عجب * شمس تظلّلني من الشمس
مستعملة في معناها الحقيقية ولولاه لما كان للتعجّب سبب، لأنّ عارية لفظها، دون معناها للمرأة المحبوبة لا يفيد تعجّباً، لأنّ الاستظلال بالأجسام ليس أمراً غريباً و إنّما الغريب، كون الاستظلال بالشمس عنها.
وكما أنّ البطحاء في قول القائل:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيـت يعرفـه و الحـلّ والحـرم
استعملت في معناها اللغوية و يريد القائل أنّ سيّد الساجدين ـ عليه السَّلام ـ وصل في الاشتهار والمعرفة إلى حدّ حتّى أنّ الأرض و البيت يعرفانه، لا أنّ أهلهما يعرفه ، و هكذا الكلام في تمام المجازات المعتبرة للبلاغة، حتّى فيما يستعمل بعلاقة التضادّ، كالحاتم في البخيل، والأسد في الجبان ويوسف في قبيح المنظر.
فإن قلت: ما ذكرتم إنّما يصحّ في اسم الجنس مثل الأسد، حيث يستعمل
(1) يوسف:31.