منهج الرجالی و العمل الرائد فی الموسوعة الرجالیة لسید الطائفة الإمام البروجردی

محمدرضا الحسینی

نسخه متنی -صفحه : 156/ 45
نمايش فراداده

-من دون نظرٍ إلى حال الرُواة- ويُحكم على الاَخر بالشُذوذ، فيطرح-مهما كان سنده صحيحاً-لمخالفته لشرط حجيّة الخبر، ويسقط عن الاعتبار.

ومع اختلاف اقوال الطائفة وفتاوى الفقهاء وعدم تحقق الشُهرة الفتوائيّة، فالترجيح بكثرة النقل والرواية في الاُصول والكتب المعتمدة في الرجوع إليها، والجوامع الحديثيّة المعروفة.

ومع التساوي في الكثرة وعدم تحقق الشهرة الروائيّة ايضاً، فالاعتماد على الأخذ بأقوال الرجاليّين، فيُترك ما فيه ضعف، على الاختلاف في درجات الضعف ومراتبه.

فمراحلُ المعالجة الرجاليّة في السَنَد عند السيّد هي كما يلي:

المرحلة الاُولى:

الترجيحُ الدلاليّ، بالأخذ بالشُهْرة الفتوائيّة، ويُقابلها الشذوذ.

المرحلة الثانية:

الترجيح الصدوريّ من غير جهة السند:

تارةً بالأخذ بكثرة الرواية، ويقابلها الانفراد.

واُخرى بالردّ بالاضطراب وعدم سَداد الراوي فينقل المتن، ويقابله الضبط.

المرحلة الثالثة:

بالتضعيفات السنديّة،وهي:

1-التضعيف بالغُلُوّ.

2-التضعيف بالإرسال، وملاحظة الطبقات.

3-التضعيف بالجهالة، وعدم التوثيق.

وهذا قلَما يلجأُ إليه، كما سيجيى تفصيله.

4-التضعيف بموافقة العامّة.

فلنتابعْ هذه المراحلَ، لنقفَ على عمل السيّد في تطبيقه لنظريّته الرجاليّة.

المرحلةُ الاُولى :

الترجيحُ الدلاليّ، اعتماداً على الشُهْرة الفتوائيّة:

يهتم السيّد اهتماماً بالغاً بامر موافقة الرواية لما اشتهر بين الأصحاب من الفتوى ويُعبرُ عن ذلك بالشُهْرة الفتوائيّة، وبعمل الأصحاب، ويُعبرُ عن المخالفة بالشُذوذ، وبإعراض الأصحاب.

وبعد استقرار التعارض-بعدم إمكان الجمع بين المتعارضين حتّى عدم الحكم بالتخيير بينهما- يعتمدُ على -الشُهْرة الفتوائيّة-التي عبّرَ عنهابانّها اوّلُ المرجحات(77) على ما يُستفاد من مقبولة عُمَر بن حَنْظَلة(78).

وعلّلَ ذلك في بعض تقريراته، بقوله:

اوّلاً:

بانّ الأخبار الشاذّة، التي اعرضَ عنها الأصحابُ، ساقطة عن الحجيّة، وإن لم يكنْ لها معارض، فكيفَ في صورة المعارضة? إذْ عُمدة الدليل على حجيّة الأخبار -بناءُ العقلاء على العمل بها-، ولا شكَ في انّ الخبرَ الواصلَ إلى عَبيد المولى إذا كان ممّا اعرضَ عنه بِطانةُ المولى وخواصّه العارفون بمرامه، لا يَعتني به العبيدُ مطلقاً، وليسَ بناؤهم على العمل به ألبتّةَ، وإن كان في غاية الصحّة سنداً، بل كلَما ازدادَ صحّةً ازدادَ ضعفاً.

ثانياً:

لو سُلم حجيّةُ الأخبار الشاذّة في انفسها، فلا إشكالَ في سقوطها عن الحجيّة إذا عارضتها اخبار اُخر اشتهرَ بينَ الأصحاب العملُ بها والإفتاءُ على وِفقها، لما وردَ في باب الخبرين المتعارضين من وجوب الأخذ باشهرهما، وقد بيّنا انّ المرادَ الشُهْرة في مقام العمل والإفتاء، لا اشتهار الرواية فقط(79).

وما اروعَ قولَه عن الشاذّ:

-بل كلَما ازدادَ صحّةً ازدادَ ضعفاً- حيث انّ صحّةَ الشاذّ، دليل على ثبوت شُذوذه بالسند الصحيح، فكلَما كان أصحَ كانَ شذوذه اَكدَ.

وهذه نُكْتة ظريفة.

(77) نهاية التقرير (ج 1، ص244)وانظر بحث -حجيّة الشُهْرة -في الملحق الثاني لكتابنا هذا.

(78) نفس المصدر (ج 1، ص 239).

(79) البدر الزاهر (ص244-245) وكرّره في (ص273).