و فيه ابحاث:
و هي امور كلها مستحبة:
منها: الطهارة من الحدث، و هي راجحة بلا خلاف، له، و للمستفيضة، كصحيحة الازرق المصرحة بكونه مع الوضوء احب (1) .
و كموثقة ابن فضال: «و لا تطوف و لا تسعى الا على وضوء» (2) .
و صحيحتي الحلبي (3) و ابن عمار (4) ، و روايتي عمر بن يزيد (5) و ابي بصير (6) ، الواردة جميعا في ترك الحائض السعي، القاصرة-كالموثقة-عن افادة الوجوب، للجملة الخبرية، و المعارضة مع ما تاتي اليه الاشارة.
و ليست بواجبة على الحق المشهور، بل المجمع عليه، حيث لا تقدح فيه مخالفة الشاذ، للاصل السالم عن المزيل، و للمستفيضة بل المتواترة معنى:
كالاخبار الواردة في حدوث الحيض بعد الطواف قبل السعي و انها تسعى (7) ، و هي كثيرة جدا.
و المصرحة بجواز اتيان جميع المناسك غير الطواف بلا وضوء، كالصحاح الثلاث لابن عمار و رفاعة و جميل، و رواية ابي حمزة:
الاولى: «لا باس ان تقضي المناسك كلها على غير وضوء الا الطواف، فان فيه صلاة، و الوضوء افضل » (8) .
و الثانية: اشهد شيئا من المناسك و انا على غير وضوء؟ قال: «نعم، الا الطواف بالبيت، فان فيه صلاة » (9) .
و الثالث: اينسك المناسك و هو على غير وضوء؟ قال: «نعم، الا الطواف بالبيت، فان فيه صلاة » (10) ، و مثلها الرابعة (11) .
و بجواز خصوص السعي كذلك، كصحيحة الازرق، و رواية الشحام (12) .
خلافا للمحكي عن العماني، فاوجبها (13) ، لما مر بجوابه.
و منها: الطهارة عن الخبث في الثوب و البدن، لفتوى الجماعة.
و منها: استلام الحجر و تقبيله مع الامكان، و الاشارة اليه مع العدم.
و الشرب من زمزم بعد اتيانه.
و الصب على الراس و الجسد من مائه.
بعد السقي منه بنفسه من الدلو المقابل للحجر الاسود ان كان و امكن، و الا فمن غيره.
و تدل على الاول: صحيحة ابن عمار الطويلة، الواردة في حج النبي صلى الله عليه و اله، و فيها: «ثم صلى ركعتين خلف مقام ابراهيم، ثم عاد الى الحجر فاستلمه، و قد كان استلمه في اول طوافه، ثم قال: ان الصفا و المروة من شعائر الله » الحديث (14) .
و الاخرى الواردة في طواف الحج، و فيها: «ثم صل عند مقام ابراهيم » الى ان قال: «ثم ارجع الى الحجر الاسود فقبله ان استطعت، و استقبله و كبر، ثم اخرج الى الصفا» الحديث (15) .
و الحلبي الواردة في حج النبي صلى الله عليه و اله، و فيها: «ثم صلى ركعتين عند المقام و استلم الحجر، ثم قال: ابدا بما بدا الله عز و جل » (16) .
و عليه و على الثاني: صحيحة ابن سنان الواردة فيه ايضا: «فلما طاف بالبيت صلى ركعتين خلف مقام ابراهيم، و دخل زمزم فشرب منها، ثم قال: اللهم اني اسالك علما نافعا و رزقا واسعا و شفاء من كل داء و سقم، فجعل يقول ذلك و هو مستقبل الكعبة، ثم قال لاصحابه: ليكن آخر عهدكم بالكعبة استلام الحجر، فاستلمه ثم خرج الى الصفا، ثم قال: ابدا بما بدا الله به، ثم صعد الى الصفا فقام عليها مقدار ما يقرا الانسان سورة البقرة » (17) .
و ابن عمار: «اذا فرغت من الركعتين فائت الحجر الاسود فقبله و استلمه او اشر اليه، فانه لا بد من ذلك » ، و قال: «ان قدرت ان تشرب من ماء زمزم قبل ان تخرج الى الصفا فافعل و تقول حين تشرب: اللهم اجعله علما نافعا» الى آخر ما مر (18) .
و عليهما و على الثالث: صحيحة الحلبي: «اذا فرغ الرجل من طوافه و صلى ركعتين فليات زمزم و يستق منه ذنوبا (19) او ذنوبين فليشرب منه و ليصب على راسه[و ظهره] و بطنه و يقول: اللهم اجعله علما نافعا» الى آخر ما مر، ثم قال-: «ثم يعود الى الحجر الاسود» (20) .
و منه يظهر دليل الرابع ايضا.
و تدل عليه و على غير الاول مما مر صحيحة اخرى للحلبي:
«يستحب ان تستقي من ماء زمزم دلوا او دلوين فتشرب منه و تصب على راسك و جسدك، و ليكن ذلك من الدلو الذي بحذاء الحجر» (21) .
و لا يخفى انه لا تدل تلك الاخبار على ان هذه الامور مستحبة للسعي و من مقدماته-كما ذكره الاكثر (22) -بل يمكن ان تكون من مستحبات الطواف او الركعتين و من خواتيمه، كما استظهره في الدروس، قال:
و الظاهر استحباب الاستلام و الاتيان عقيب الركعتين و لو لم يرد السعي (23) .
و تدل عليه صحيحة ابن مهزيار: رايت ابا جعفر الثاني عليه السلام ليلة الزيارة طاف طواف النساء و صلى خلف المقام، ثم دخل زمزم، فاستقى منها بيده بالدلو الذي يلي الحجر الاسود، فشرب منها وصب على بعض جسده، ثم اطلع في زمزم مرتين، و اخبرني بعض اصحابنا انه رآه بعد ذلك بسنة فعل مثل ذلك (24) .
و يمكن ان يكون هو مستحبا بنفسه، كما يستفاد من صحيحة الحلبي الاخيرة، و صحيحة ابن سنان المتقدمة.
و لا يخفى ايضا ان ظاهر اكثر الاصحاب تقديم الاستلام على اتيان زمزم (25) ، و المدلول عليه في صحيحتي ابن سنان و الحلبي الاولى عكس ذلك، فهو الاولى، و لا يظهر من صحيحة ابن عمار الاخيرة الاول-كما ذكره في الذخيرة (26) -كما لا يخفى على المتامل فيها.
و منها: الدعاء بالماثور في الاخبار المتقدمة عند الشرب و الصب.
و منها: الخروج للسعي من باب الصفا المقابل للحجر، بلا خلاف، كما عن التذكرة و المنتهى (27) ، له، و لصحيحة ابن عمار، و فيها:
قال ابو عبد الله عليه السلام: «ثم اخرج الى الصفا من الباب الذي خرج منه رسول الله صلى الله عليه و اله-و هو الباب الذي يقابل الحجر الاسود-حتى تقطع الوادي و عليك السكينة و الوقار، و اصعد على الصفا حتى تنظر الى البيت و تستقبل الركن الذي فيه الحجر الاسود، فاحمد الله واثن عليه، و اذكر من آلائه و حسن ما صنع اليك ما قدرت على ذكره، ثم كبر الله عز و جل سبعا، و احمده سبعا، و هلله سبعا، و قل: لا اله الا الله وحده لا شريك له » و ذكر الدعاء، الى ان قال: و قال ابو عبد الله عليه السلام: «ان رسول الله صلى الله عليه و اله قام على الصفا بقدر ما يقرا سورة البقرة مترسلا» (28) .
و صحيحة عبد الحميد: عن الباب الذي يخرج منه الى الصفا-الى ان قال-: فقال ابو عبد الله عليه السلام: «هو الباب الذي يستقبل الحجر الاسود»الحديث (29) .
قال والدي-قدس سره-: ان هذا الباب هو الباب الذي يشتهر اليوم بباب الصفا، قيل: هذا الباب داخل الآن في المسجد، الا انه معلم باسطوانتين، فليخرج من بينهما (30) . و في الدروس: الظاهر استحباب الخروج من الباب الموازي لهما (31) .
و منها: ان ياتي بالسكينة و الوقار الى ان يصعد الصفا، فيصعده و يستقبل الركن العراقي و ينظر الى البيت و يحمد الله و يذكر آلاءه، ثم يكبر الله و يحمده و يهلله سبعا، ثم يدعو بالماثور، و يقف على الصفا بقدر ما يقرا سورة البقرة بالتاني.
تدل على كل ذلك صحيحة ابن عمار المتقدمة، و على بعضه صحيته الاخرى الواردة في حج النبي صلى الله عليه و اله، و فيها: «فابدا بما بدا الله عز و جل به » الى ان قال: «ثم اتى الصفا فصعد عليه و استقبل الركن اليماني، فحمد الله و اثنى عليه و دعا مقدار ما يقرا سورة البقرة مترسلا، ثم انحدر الى المروة فوقف عليها كما وقف على الصفا، ثم انحدر و عاد الى الصفا فوقف عليها، ثم انحدر الى المروة حتى فرغ من سعيه، فلما فرغ من سعيه و هو على المروة اقبل على الناس » الحديث (32) .
و تدل على استحباب الطول على الصفا بالقدر المذكور صحيحة ابن سنان المتقدمة ايضا.
و ورد في مرفوعة ابن الوليد (33) و مرسلة الفقيه (34) و رواية المنقري (35) :
ان طول الوقوف على الصفا و المروة يوجب كثرة المال.
و لا ينافيه ما في مرسلة محمد بن عمر بن يزيد: كنت وراء ابي الحسن موسى عليه السلام على الصفا او على المروة و هو لا يزيد على حرفين:
«اللهم اني اسالك حسن الظن بك على كل حال، و صدق النية في التوكل عليك » (36) .
اذ لعله عليه السلام كان يكرر هذين الحرفين بقدر يطول الوقوف.
و له ان يقتصر على بعض ما مر من الاذكار الماثورة، كما صرح به في آخر صحيحة ابن عمار المتقدمة، قال: «فان لم تستطع هذا فبعضه » (37) .
و له ان يدعو بغيرها مما جرى على لسانه، كما صرح به في رواية ابي الجارود: «ليس على الصفا شي ء موقت » (38) .
1) الكافي 4: 438-2، الفقيه 2: 250-1204، التهذيب 5: 154-506، الاستبصار 2:
241-840، الوسائل 13: 494 ابواب السعي ب 15 ح 6.
2) الكافي 4: 438-3، التهذيب 5: 154-508، و في الاستبصار 2: 241-839بتفاوت يسير،
الوسائل 13: 495 ابواب السعي ب 15 ح 7.
3) التهذيب 5: 394-1373، الاستبصار 2: 314-1114، الوسائل 13: 494ابواب السعى ب
15 ح 3.
4) التهذيب 5: 396-1379، الاستبصار 2: 316-1120، الوسائل 13: 460ابواب الطواف
ب 89 ح 4.
5) التهذيب 5: 393-1372، الاستبصار 2: 313-1113، الوسائل 13: 457ابواب الطواف
ب 87 ح 1.
6) الكافي 4: 447-5، التهذيب 5: 394-1375، الاستبصار 2: 315-1116، الوسائل 13: 450
ابواب الطواف ب 84 ح 5.
7) انظر الوسائل 13: 459 ابواب الطواف ب 89.
8) الفقيه 2: 250-1201 بتفاوت يسير، التهذيب 5: 154-509، الاستبصار 2: 241-841،
الوسائل 13: 493 ابواب السعي ب 15 ح 1.
9) التهذيب 5: 154-510، الاستبصار 2: 241-838، الوسائل 13: 493ابواب السعي ب 15
ح 2.
10) الكافي 4: 420-ذ ح 2، الوسائل 13: 376 ابواب الطواف ب 38 ح 6.
11) الكافي 4: 420-2، التهذيب 5: 116-379، الاستبصار 2: 222-763، الوسائل 13: 376
ابواب الطواف ب 38 ح 6.
12) التهذيب 5: 154-507، الاستبصار 2: 241-837، الوسائل 13: 494ابواب السعي ب
15 ح 4.
13) حكاه عنه في المختلف: 293.
14) الكافي 4: 245-4، التهذيب 5: 454-1588، مستطرفات السرائر: 23-4، الوسائل 11:
213 ابواب اقسام الحج ب 2 ح 4.
15) الكافي 4: 423-1، التهذيب 5: 144-476، الوسائل 13: 300 ابواب الطواف ب 3 ح 1
و 2، بتفاوت.
16) الكافي 4: 248-6، العلل: 412-1، الوسائل 11: 222 ابواب اقسام الحج ب 2 ح 14.
17) الكافي 4: 249-7، الوسائل 11: 223 ابواب اقسام الحج ب 2 ح 15.
18) الكافي 4: 430-1، التهذيب 5: 144-476، الوسائل 13: 472 ابواب السعي ب 2 ح 1.
19) الذنوب: الدلو الملاى ماء و قيل: فيها ماء قريب من المل ء-الصحاح 1: 129.
20) الكافي 4: 430-2، التهذيب 5: 144-477، الوسائل 13: 473 ابواب السعي ب 2 ح 2، و
ما بين المعقوفين اضفناه من المصادر.
21) التهذيب 5: 145-478، الوسائل 13: 474 ابواب السعي ب 2 ح 4.
22) انظر الحدائق 16: 256، و الرياض 1: 421.
23) الدروس 1: 409.
24) الكافي 4: 430-3، الوسائل 13: 474 ابواب السعي ب 2 ح 3، بتفاوت يسير.
25) كما في الذخيرة: 645، كشف اللثام 1: 346، الرياض 1: 421.
26) الذخيرة: 645.
27) التذكرة 1: 366، المنتهى 2: 704.
28) الكافي 4: 431-1، التهذيب 5: 145-481، الوسائل 13: 475 ابواب السعي ب 3 ح 2.
29) التهذيب 5: 145-480، و في الكافي 4: 432-4، و الفقيه 2: 256-1243، و الوسائل 13:
475 ابواب السعي ب 3 ح 1 بتفاوت.
30) كما في المدارك 8: 205.
31) الدروس 1: 409.
32) الكافي 4: 245-4، و في التهذيب 5: 454-1588 و الوسائل 11: 213ابواب اقسام
الحج ب 2 ح 4 بتفاوت يسير.
33) الكافي 4: 433-6، الوسائل 13: 479 ابواب السعي ب 5 ح 2.
34) الفقيه 2: 135-578، الوسائل 13: 479 ابواب السعي ب 5 ح 2.
35) التهذيب 5: 147-483، الاستبصار 2: 238-827، الوسائل 13: 479ابواب السعي ب 5
ح 1. «
36) الكافي 4: 433-9، التهذيب 5: 148-486، الاستبصار 2: 238-828، الوسائل 13: 481
ابواب السعي ب 5 ح 6.
37) الكافي 4: 431-1، التهذيب 5: 145-481، الوسائل 13: 476 ابواب السعي ب 4 ح 1.
38) الكافي 4: 433-7، التهذيب 5: 147-485، الوسائل 13: 480 ابواب السعي ب 5 ح 3.