وهابیة فی المیزان

جعفر السبحانی

نسخه متنی -صفحه : 332/ 110
نمايش فراداده

و يروي أبو سعيد السمعاني عن الإمام عليّ بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ أنّ أعرابياً جاء بعد ثلاثة أيام من دفن رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فرمى بنفسه على القبر الشريف و حثا من ترابه على رأسه و قال:«يا رسولَ اللّه قلتَ فسمعنا قولك، و وَعيتَ عن اللّه ما و عَينا عنك، و كان فيما أنزله عليك: (وَ لَو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم...) و قد ظلمتُ نفسي و جئتك تستغفرلي إلى ربي».(1)

إنّ كلَّ هذا يدلّ على أنّ المنزلة الرفيعة الّتي مَنحها اللّه تعالى لحبيبه المصطفى ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كما صرَّحت بها هذه الآية ليست خاصّة بحياته، بل تؤكّد على أنّها ثابتة له بعد وفاته أيضاً.

و بصورة عامّة... يَعتبر المسلمون كلّ الآيات النازلة في تعظيم رسول اللّه و احترامه، عامّة لحياته و بعد مماته، و ليس هناك مَن يُخصِّصها بحياته ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ .

و قد جاء في التاريخ: لمّا استُشهد الإمام الحسن بن علي ـ عليه السلام ـ وجيء بجثمانه الطاهر إلى مسجد رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ظنّ بنو أُميَّة أنّ بني هاشم يريدون دفن الإمام بجوار قبر جدّه المصطفى، فأثاروا الفتنة و الضجَّة للحيلولة دون ذلك، فتلا الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ قوله تعالى:

(يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوتِ النَّبي...)(2).

و لم يردَّ عليه أحد ـ حتى من الأُموييّن ـ بأنّ هذهِ الآية خاصةً بحياة رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ .

1. الجوهر المنظَّم: لابن حجر، و ذكره السمهودي في وفاء الوفا: 2/612، و دحلان في الدرر السّنيّة: 21.2. الحجرات: 2.