وهابیة فی المیزان

جعفر السبحانی

نسخه متنی -صفحه : 332/ 127
نمايش فراداده

أيّها القارئ الكريم: إنّ هذه الأدلّة ـ بمجموعها و بالإضافة إلى سيرة المسلمين الجارية على الصلاة و الدعاء في الأماكن الّتي دُفن فيها أولياء اللّه و أحبّاؤه ـ تؤكّد أنّ الصلاة و الدعاء عند هذه المراقد تمتاز بفضيلة أكثر و ثواب أكبر، و أنّ الهدف إنما هو التبرُّك بذلك المكان المبارك و أداء الفريضة فيها لرجاء القبول من اللّه سبحانه.

و لو فرضْنا عدم وجود دليل ـ من القرآن و الأحاديث ـ على شرافة هذه الأمكنة و فضيلة الصلاة و الدعاء فيها، فلماذا تكون الصلاة محرَّمة فيها؟!

و لماذا لا تدخل هذه الأماكن ضمن إطار القانون الإسلامي العام الّذي يعتبر الأرض كلّها محلاّ لعبادة اللّه، حيث يقول رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ :

«جُعلت لي الأرض مسجداً و طهورا»؟(1).

الإضاءة عند القبور

إنّ مسألة الإضاءة عند قبور أولياء اللّه ـ و الّتي يدّعي الوهّابيّون حرمتها ـ ليست ذات أهميّة كبرى، لأنّ الدليل الوحيد الّذي يستدلّون به هو ما ذكره النسائي عن ابن عبّاس أنّ رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لعن زائرات القبور و المتّخذين عليها المساجد والسُّرُج(2).

و هذا الحديث ـ و أمثاله ـ يختصّ بما إذا كانت الإضاءة تضييعاً و تبذيراً للمال أو تشبُّهاً ببعض الأُمم و الشعوب و الأديان الباطلة، كما أشار إليه العلاّمة السندي في شرحه على هذا الحديث ـ حيث قال:

1. صحيح البخارى: 1 / 91، مسند أحمد بن حنبل: 2 / 222 و غيرهما.2. السُّنن للنسائي: 3 / 77.