وهابیة فی المیزان

جعفر السبحانی

نسخه متنی -صفحه : 332/ 165
نمايش فراداده

الذين قُتلوا في سبيل اللّه ـ ماذا تقول بشأن ما حصل للنبيّ يعقوب ـ عليه السلام ـ ؟!

إذا كان النبىّ الكريم (يعقوب) اليوم حيّاً يعيش بين أهالي «نجد» و أتباع محمّد بن عبدالوهّاب، كيف كانوا يحكمون عليه؟!

لقد كان يعقوب ـ عليه السلام ـ يبكي على فراق ولده يوسف ليلا و نهاراً، و يستفسر عنه ويترنَّم باسمه حتى: (... ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظيمٌ)(1).

و بالرغم من كلّ ما كان يعاني منه يعقوب من ابيضاض العين و حُزن القلب و ألم الفراق، فإنّه لم ينسَ ابنه يوسف، بل كان يزداد شوقاً إليه كلَّما قرب الوصال و اللقاء به، حتى أنه شمَّ ريح يوسف من مسافة بعيدة.

قال تعالى عن لسانه:

(إنّي لاََجِدُ ريحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ)(2).

فكيف تكون هذه المحبّة و المودَّة و التعبير عن العلاقة الشديدة بالمحبوب «يوسف» في حياته عملا صحيحاً و متّفقاً مع توحيد اللّه تعالى، ولكنها تنقلب بدعة و حراماً بعد وفاته؟!!

مع العلم أنّ فراق العزيز و موته يترك في القلب نيران الأسى و الحزن و الألم بصورة أكثر من فراقه في حياته.

و اليوم... إذا اجتمع المؤمنون ـ الذين يشبهون يعقوب في حُزنه ـ في عزاء ولىّ من أولياء اللّه ـ كالأئمة الطاهرين الذين يُشبهون يوسف في مصابه، بل مصابهم أشدّ منه كثيراً ـ و أحيُوا ذِكر ذلك الوليّ الصالح، بالكلمات و الخُطَب و

1. يوسف: 84.2. يوسف: 94.