وهابیة فی المیزان

جعفر السبحانی

نسخه متنی -صفحه : 332/ 185
نمايش فراداده

و قد اختار الوهّابيّون تعريفين آخَرين و اعتمدوا عليهما، و لكنّهما ناقصان غير كاملين، ولنقدم الكلام في ذينك التعريفين :

تعريفان ناقصان للعبادة

أ ـ العبادة خضوع و تذلُّل.

لقد ورد في كتب اللغة تعريف «العبادة» بــ : الخضوع و التذلُّل(1) ولكن هذا التعريف لا يعكس معنى العبادة بصورة دقيقة، و ذلك لما يلي: 1ـ إذا كانت «العبادة» مرادفة ـ في المعنى للخضوع و التذلُّل، فلا يمكن أن نعتبر أىَّ إنسان موحِّداً للّه، لأنّ البشر ـ بفطرته ـ يخضع لمن يتفوَّق عليه، معنوياً أو ماديّاً، كالتلميذ يخضع لأُستاذه، و الولد يخضع لوالديه، و كلّ محبِّ لحبيبه. 2ـ إنّ القرآن الكريم يأمر الإنسان بأن يتذلَّل لوالديه فيقول: (وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّياني صَغيراً)(2). فإذا كان الخضوع و التذلُّل معناه عبادة مَن تذلَّلتَ له، فهذا يستلزم الحكم بكفر مَن يبرّ والديه، كما أنّه يستلزم الحكم بتوحيد مَن يعقّ والديه. ب ـ العبادة: نهاية الخضوع.

ولمّا أدركوا نقصان تعريف اللغويّين للعبادة ـ حاولوا ترميم هذا النقص و إصلاحه، فقالوا في تعريفها:

1. و قد جاء هذا المعنى في القرآن الكريم في قوله سبحانه: (وَ تِلكَ نِعمَةٌ تَمُنُّها عَلَىَّ أَنْ عَبَّدْتَ بني إسرائيلَ)الشعراء ـ 22.2. الإسراء: 24.