الصادق و المتنبّئ الكاذب، فتُطالبه بالمعجزة الدالّة على قدرته الغيبية، و كان الأنبياء ـ بدَورهم ـ يدعون الناس لمشاهدة معجزاتهم الدالَّة على صدقهم.
و قد سجَّل القرآن الكريم بعض ما دار بينهم و بين الأُمم من حوار حول هذا الموضوع، دون أن ينتقدهم على طلبهم المعجزة من الأنبياء، ممّا يدلّ على موافقته لهذا الطلب.
و لنذكر مثالا: لو أنَّ أُمَّة ـ تبحث عن الحق ـ جاءت إلى النبىّ عيسى ـ عليه السلام ـ و قالت له: «إن كنتَ صادقاً في دعوى النبوّة فأَبرئ هذا الأعمى و رُدَّ إليه بَصَره، و اشفِ هذا الأبرص» فإنّ هذه الأُمَّة لا تُعتبر مُشركة، بل تُعَدُّ من الأُمم الراقية التي تبحث عن الحقيقة، و تُمدَح على ذلك.
و الآن، لو فرضنا وفاة النبىّ عيسى ـ عليه السلام ـ (1) و طلبت أُمّتُه من روحه الطاهرة أن يُبرئ الأكمه و الأبرص، فلماذا تُعتبر مشركة، مع العلم أنّ موت النبىّ و حياته لا يؤثّران في التوحيد والشرك؟!(2).
و خلاصة القول: إنّ القرآن الكريم يُصرِّح بأسماء بعض الأولياء الذين اصطفاهم اللّه ووَهَبهم القدرة الغيبية لتنفيذ الأعمال الماورائية الخارقة للطبيعة،
1. بالرغم من أنه حىٌّ كما قال تعالى: (و ما قتلوه و ما صلبوه و لكنْ شُبِّه لهم... بل رَفَعه اللّه إليه...)و تقول الأحاديث الصحيحة إنّ النبىّ عيسى سوف يعود إلى الأرض عصر ظهور الإمام المهدىّ المنتظر ـ عجّل اللّه ظهورَه ـ ليكون ردءاً له و ظهيراً.2. للاطّلاع على بعض معجزات النبىّ عيسى راجع آية 49 من سورة آل عمران و آية 100 ـ 101 من سورة المائدة.