لقد ذكر سبحانه لفظ «ادْعُوني» ثم أتبعها بلفظ «عِبادَتي» ممّا يدلّ ـ دلالة واضحة ـ على أنّ المقصود من «ادْعُوني» ـ هنا ـ : عبادة اللّه و ترك عبادة غيره. و لهذا كان المشركون «يَسْتَكْبِرُونَ» عن دعائه و عبادته سبحانه.
يقول حفيد رسول اللّه الإمام زين العابدين ـ عليه السلام ـ في دعاء له:
«...فَسَمَّيتَ دُعاءَكَ عِبادَةً، وَ تَرْكَهُ اسْتِكْباراً، وَ تَوعَّدْتَ عَلى تَركِهِ دُخول جَهَنَّمَ داخِرينَ»(1).
و قد جاءت في القرآن الكريم آيتان بمعنى واحد، استعمل في إحداها لفظ «العبادة» و في الثانية لفظ «الدعوة».
فالأُولى قوله سبحانه:
(قُلْ أتَعْبُدونَ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرَّاً وَ لا نفْعاً...)(2).
و الثانية هي قوله سبحانه:
(قُلْ أنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَنْفَعُنا وَ لا يَضُرُّنا...)(3).
و يقول سبحانه:
(...وَ الَّذينَ تَدْعُونَ مِنْ دوُنِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمير)(4).
في هذه الآية جاء بلفظ «تَدْعُونَ» و فيها دلالة و اضحة على أنَّ هذه الدعوة هي دعوة الأصنام، و كان المشركون يعتقدون بأنّها آلهة «مِنْ دُونِهِ» تضرُّ و تَنفع، و لهذا رَدَّ اللّه عليهم بقوله: (ما يَمْلِكُونَ مِنْ قطمير).
1. الصحيفة السجّادية: دعاء رقم 45.2. المائدة: 76.3. الأنعام: 71. 4. فاطر: 13.