وهابیة فی المیزان

جعفر السبحانی

نسخه متنی -صفحه : 332/ 94
نمايش فراداده

الذين عاشوا في هذه الحياة الدنياثم انتقلوا إلى الآخرة، و هم سواء... الغني و الفقير، القوي و الضعيف، و لم يصحبوا معهم سوى ثلاث قِطَع من القماش فقط.

إنّ مشاهدة هذا المنظر يهزّ الإنسان قلباً و روحاً، و يخفّف فيه روح الطمع و الحرص على الدنيا و زخارفها و شهواتها، و لو نظر الإنسان إليها بعين الاعتبار لغيَّر سلوكه في هذه الحياة، و اعتبر لآخرته، و راح يخاطب نفسه: إنّ هذه الحياة المؤقتة لابدّ أن تزول، و إنّ الفترة الّتي أعيشها لابدّ أن تنتهي و يكون مصيري إلى حفرة عميقة، تتراكم عليّ تلال من التراب و هناك الحساب، إمّا ثواب و إمّا عذاب، فلا تستحقّ هذه الحياة المؤقّتة أن يجهد الإنسان نفسه من أجل المال و الجاه و المنصب، فيظلم هذا و يؤذي ذاك، و يرتكب الجرائم و المنكرات.

إنّ نظرة تأمّل إلى هذا الوادي الساكن تُرقّق القلب مهما كان قاسياً، و تُسمع الإنسان مهما كان صُماً، و تُفتح العيون مهما كانت حالكة، و كثيراً ما تدفع بالإنسان إلى إعادة النظر في سلوكه وحياته، و الشعور بالمسؤوليات الكبيرة أمام اللّه تعالى و امام الناس.

يقول الرسول الأعظم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ :

1ـ «زُورُوا الْقُبُورَ فَإنَّها تُذَكِّركُمُ الآخِرَة».(1)

بالرغم من أنّ مسألة زيارة القبور ليست بحاجة إلى إقامة الدليل و البرهان على صحتها وضرورتها، و لكننا نضطر إلى التحدّث عنها لأُولئك الذين يتوقّفون فيها.

1. سنن ابن ماجة: 1/113، باب ما جاء في زيارة القبور.