أئمة من أهل البیت(ع) و حرصهم علی مصلحة الأمة و الوحدة الإسلامیة

شهاب الدین الحسینی

نسخه متنی -صفحه : 20/ 15
نمايش فراداده

الموقف من الشورى

حينما طعن عمر جعل أمر الخلافة بيد ستّة من الصحابة يختارون أحدهم ، وأمر بقتل كلّ من خالف الاختيار ، وكان الإمام(عليه السلام) يتوقّع النتائج ، وكان يقول : «فسعد لا يخالف ابن عمّه عبد الرحمن ، وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفون»39 .

ومع علمه بالنتائج إلاّ أنّه قبل بالاجتماع واشترك فيه ، فحينما قال له عمّه العبّاس لا تدخل معهم كان جوابه : «إنّي أكره الخلاف»40 .

وحينما تمخّضت النتائج بترشيح عثمان خليفة من قبل عبدالرحمن بن عوف اكتفى الإمام(عليه السلام) بالقول : «ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا ، { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}41 . . .»42 .

فقد عبّر عن رأيه بلا موقف سلبي ، وقال لعبد الله بن عبّاس : «إنّي رأيت الجميع راضين به فلم أحبّ مخالفة المسلمين حتّى لا تكون فتنة بين الأمّة»43 .

ووضع(عليه السلام) ميزاناً ثابتاً في التعامل مع السلطة والخلافة ، فقدّم مصلحة الإسلام العليا على جميع المصالح ، وقدّم الوحدة الإسلامية على جميع المغانم والمكاسب الآنية والذاتية ، فخاطب أهل الشورى قائلا : «لقد علمتم أنّي أحقّ بها من غيري ، ووالله لأُسلمنَّ ما سلمت أُمور المسلمين; ولم يكن فيها جور إلاّ عليَّ خاصّة، التماساً لأجر ذلك وفضله ، وزهداً فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه»44 .

وكان يقول : «فنظرت في أمري ، فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي ، وإذا ميثاقي قد أخذ لغيري ، فبايعت عثمان فأديت له حقّه»45 .

فقد تعالى(عليه السلام) على كثير من الاُمور حفاظاً على المصلحة الإسلامية العليا ، وعلى وحدة الدولة والأمّة ، ووقف بجانب الخليفة الجديد لتحقيق الهدف الأكبر وهو تقرير مبادئ الإسلام في واقع الحياة ، وممّا نسب إليه في هذا الأمر قوله : «لو سيّرني عثمان عنه إلى صرار لسمعته وأطعت الأمر»46 . وصرار موقع على بعد عدّة أميال من المدينة .