نجوم الزاهرة فی ملوک مصر و القاهرة

جمال الدین ابی المحاسن یوسف بن تغری بردی الاتابکی

نسخه متنی -صفحه : 2237/ 2172
نمايش فراداده

وكانت الأشرفية لما سمعوا كلام جانبك وقالوا نعم نرضى بالأمير الكبير كان في ظنهم أن قتالهم يطول مع
الملك المؤيد أياما كثيرة كما وقع في نوبة المنصور عثمان ويأتيهم جانم وهم في أشد القتال فلا يعدلون
عنه لخشقدم فيتم لهم ما قصدوه فاتفقت كل طائفة مع الأخرى في الظاهر وباطن كل طائفة لواحد فساعد
الدهر الظاهرية وانهزم الملك المؤيد في يوم واحد حسبما نذكره الآن
فلما وقع هذا الكلام جاءت الطائفتان الأشرفية والظاهرية إلى الأمراء وهم جلوس بمقعد الأمير الكبير
خشقدم والجميع جلوس بين يدي خشقدم فافتتح الأمير جانبك نائب جدة الكلام وقال
نحن يعني الظاهرية والأشرفية نريد رجلا نسلطنه يكون لا يميز طائفة على أخرى بل تكون جميع الطوائف
عنده سواء في الأخذ والعطاء والولاية والعزل وأن يطلق الأمراء المحبوسين من سائر الطوائف ويرسم في
سلطنته بمجىء المنفيين من البلاد الشامية وغيرها إلى البلاد المصرية ويطلق الملك العزيز يوسف ابن
الملك الأشرف برسباى والملك المنصور عثمان ابن الملك الظاهر جقمق من برجي الإسكندرية ويسكنا
الإسكندرية في أي دار شاءا ويأذن لهما في الركوب إلى الجامع وغيره بثغر الإسكندرية من غير تحفظ بهما
وكان كلام الأمير جانبك لجميع الأمراء لم يخص أحدا منهم بكلام دون غيره فبادر الأتابك خشقدم
بالكلام وقال نعم ثم التفت جانبك إلى الجمع وقال فمن يكون السلطان على هذا الحكم فبدأ سنقر قرق شبق
الأشرفي الزرد كاش وقال ما معناه ما نرضى إلا بالأمير جانم نائب الشام أنتم كتبتم له بالحضور
وأذعنتمو بسلطنته فكيف تسلطنوا غيره فنهره الأمير خير بك من جديد الأشرفي لنفس كان بينهما قديما
وقال
--------------------
240
لست بأهل الكلام في مثل هذا المجلس فعند ذلك قال الأمير قانم التاجر المؤيدي أحد مقدمي الألوف ما
معناه يا جماعة إن كنتم كاتبتم الأمير جانم نائب الشام فلا تسلطنوا غيره إلى أن يحضر وسلطنوه فإنه
لا يسعكم من الله أن تسلطنوا غيره الآن ثم تخلعوه عند حضور جانم فهذا شيء لا يكون فلم يسمعوا كلامه
وسمع في الغوغاء قول قائل لا يعرف سلطنوا الأمير جرباش
فامتنع جرباش من ذلك وقال ما معناه إن هذا شيء راجع إلى الأمير الكبير وقبل الأرض من وقته فقام
الأمير جانبك الأشرفي الظريف الخازندار وبادر بأن قال السلطان الأمير الكبير وقبل الأرض ثم فعل ذلك
جميع من حضر من الأمراء ونودي بالحال بسلطنته بشوارع القاهرة ثم شرعوا بعد ذلك في قتال الملك المؤيد
أحمد هذا
كل ذلك والملك المؤيد في القلعة في أناس قليلة من مماليكه ومماليك أبيه الأجلاب ولم يكن عنده من
الأمراء أحد غير مملوك والده قراجا الطويل الأعرج أحد أمراء العشرات وهو كلا شيء والأمير آخور
الكبير برسباى البجاسي وليته لا كان عنده وخير بك القصروي نائب قلعة الجبل وكان أضر عليه من كل أحد
حسبما يأتي ذكر فعله كل ذلك والملك المؤيد لا يعلم حقيقة ما العزم فيه غير أنه يعلم باجتماع
المماليك والأمراء في بيت الأمير الكبير خشقدم وأنهم في أمر مريج غير أنه لا يعرف نص ما هم فيه وصار
الملك المؤيد يسأل عن أحوالهم وينتظر مجىء أحد من مماليك أبيه إليه فلم يطلع إليه أحد منهم بل العجب
أن غالبهم كان مع القوم عند الأمير الكبير مساعدة على ابن أستاذهم وليتهم كانوا من المقبولين وإنما
كانوا من المذبذبين
--------------------
241
لا غير على أن الملك الظاهر خشقدم لما تسلطن أبادهم وشوش عليهم بالمسك وإخراج أرزاقهم أكثر مما عمله
مع الذين كانوا عندالمؤيد فلا شلت يداه وبقي الملك المؤيد كلما فحص عن أمر الفتنة لا يأتيه أحد بخبر
شاف بل صارت الأخبار عنده مضطربة وآراؤه مفلوكة وهو في عدم حركة ويظهر عدم الإكتراث بأمر هذا الجمع
إلى أن تزايد الأمر وخرج عن الحد وصار اللعب جدا فعند ذلك تأهب من كان عنده من المماليك وقام الملك
المؤيد من قاعة الدهيشة ومضى إلى القصر السلطاني المطل على الرميلة ثم نزل بمن معه إلى باب السلسلة
وقبل أن يصل إلى الإسطبل جاءه الخبر بأن القوم أخذوا باب السلسلة وملكوا الإسطبل السلطاني وأخذوا