نزعه الدینیه بین الالهیین و المادیین

فاضل موسوی جابری

نسخه متنی -صفحه : 56/ 38
نمايش فراداده

النزعة الدينية بين الإلهيين والماديين ص 50 الى ص 59

ملاحظتان وردّ

الملاحظة الأولى

هنا قد ترد علينا ملاحظة مفادها : أنّه إذا كان الدين الحق هو التوجه إلى الله وحده ، وهو دين الإسلام ، وأن مقتضى الفطرة يؤكّده ، ـ أي إن الفطرة هي الإسلام ـ ألا ترون أنّ هذا الكمّ الغفير من البشرية على مرور الأيام ، والتي قضت حياتها تعبد الأصنام والكواكب والمظاهر الطبيعية وحتّى الأشخاص ، يسيرون على غير الفطرة ، بينما ذكرتم بأن الدين بصورته الشمولية الكلية هو أمر فطري ، ألا يوجد تعارض ومنافاة ما بين كون الدين الحقّ هو الفطرة ، وكون مطلق الدين ـ الذي فيه الشرك أيضاً ـ من الفطرة أيضاً ؟!.

ويمكن أن نجيب على هذه الملاحظة ، من خلال البيان التالي :

لا ريب أن الذي بيناه سابقاً كان منصباً نحو نقطة جوهرية ، وهي: كون التوجه إلى الله ـ القوة الأزلية ـ الذي هو من الغيب الخارج عن نطاق الحسّ هو أمر فطري ، ولكن الإنسان تختلط عليه الأُمور ، ويدور في دوامة الأفكار ، فيضلّ طريقه في خضمّ البحث عن الله تعالى لاَسباب كثيرة؛ أهمها الغفلة ، والشبهة ، والفطرة لا تتنافى معهما . بل الذي ينافيهما في الواقع إنّما هو البغي والجحود ، الذي هو انحراف عن الصراط المستقيم ، وقد عبرّ القرآن عن هؤلاء الذين اختلط عليهم الأمر ولم يكن لهم مُوضّح أو مرشد ، بأنّهم مستضعفون لا يملكون حيلة ، قال تعالى :

( إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوَّاً