نزعه الدینیه بین الالهیین و المادیین نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
والفكرية لديه.أما الإنسان الحرّ والمتفتّح على الوجود بكل كيانه ، والذي تدبّر بعقله هذا الصنع العظيم ـ كما
أوردنا قصة إبراهيم عليه السلام ـ فإنّه يقطع أن الغاية لا بدّ أن تكون متناسقة مع هذا الوجود
العجيب ، وهذه الحكمة الكبيرة ، قال تعالى :
( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي
أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ... ) (1) .وقال تعالى :
( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ
تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ
الْكَرِيمِ ) (2).فلا يمكن أن يكون هذا الخالق صنماً يصنعه الإنسان بيديه ، أو يكون شيئاً من الأفلاك والنجوم ، أو
الأشخاص ، أو المظاهر الطبيعية وغيرها؛ لاَنّ كل أُولئك محدود وموجود ومخلوق وناقص ، ولاَن من
الأُمور الفطرية التي فطِر الناس عليها هو النفور من النقص ، والاتجاه نحو الكمال ، لذلك فإنّ
الإنسان ينفر من كلّ نقص وعيب .فمبدأ الغائية هو من ثمار التوحيد ، ولا يمكن أن يستقيم إلاّ من خلاله ، وأنى لهذه المعبودات
الناقصة من تحقيق الكمال لنفسها ، فضلاً عن إعطائه لغيرها ، على قاعدة : « أنّ فاقد الشيء لا يعطيه »
، وصدق الله تعالى إذْ يقول :
( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً
وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ
ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ) (3) .