تلك المعارف هي معرفته سبحانه ، الّتي لو استغلها الناس لوصلوا إلى أرقى درجات الكمال ، لذلك رأينا أنّ بعض الروايات ، فسّرت الفطرة بالمعرفة ، فدعوة الأنبياء ترتكز على إثارة تلك الكنوز ، والاستفادة من هذه القدرات.
إذن هناك وظيفة التبليغ من أجل الاحتجاج ، لكي لا يكون عُذرٌ لاَيّ أحد ، كما قال تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) (1). وهناك وظيفة أُخرى ، وهي إثارة المعارف والكنوز التي تحقّق لهم الكمال المنشود .
ومن هذا الاستعراض القصير عرفنا أهم وظائف الأنبياء التي حددها الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، غير أنّ هذا الكلام لا يعني أن وظائف الأنبياء مقتصرة على هذا القدر ، بل هو من باب البيان لأوضح المصاديق لا غير ، وإلاّ فإنّ هناك وظائف كثيرة وكبيرة للأنبياء ، وعلى حسب درجتهم ، كما هو محرّر في محلّه .
1 ـ إنّ الدين له أصالة في الوجود الإنساني ، منذ وطأ هذه الأرض وإلى أن تقوم الساعة ، كما أثبت ذلك علماء النفس والأنثروبولوجيا .
2 ـ إنّ النظريات الغربية والشرقية التي تعلل وجود الدين والتدين عند الإنسان لأَسباب مثل الخوف ، أو الجهل ، أو غيرها ، لا تقوم على أيّ أساس علمي ، وهي باطلة ، كما أثبتنا ذلك في طيات البحث .
1) سورة الإسراء : 17|15 .