فصول المفیدة فی الواو المزیدة

خلیل بن کیکلدی علایی

نسخه متنی -صفحه : 65/ 6
نمايش فراداده

إذ لا مناسبة بين هاتين الجملتين ولهذا قال النحاة في الواو التي تعطف جملة مبتدأة على كلام متقدم تام إنها واو الاستئناف كما في قوله تعالى ( ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا ) وإن كانت صورتها صورة العطف وبعضهم يعدها مغايرة للواوات المتقدم ذكرها والصحيح أنها وإن كانت للاستئناف فلم تخرج عن معنى العطف ولكن لا تشرك بين ما بعدها وما قبلها إلا في أصل الإخبار دون شيء آخر فكأن القائل بعد كلامه المتقدم قال وأخبرك أيضا بكذا أما إذا عطفت مفردا على مفرد فهي على قسمين جامعة مشركة وجامعة غير مشركة فالأول هو الأكثر مثل قام زيد وعمرو لأنك لو قلت قام زيد وقام عمرو جاز فشركت بالواو بينهما في إسناد الفعل إليهما ومثال الثاني قول القائل اختصم زيد وعمرو مما لا يكون الفعل فيه إلا للاثنين فهي جامعة ولم تشرك الفعل في إسناده إلى كل واحد منهما بمفرده إذ لو قلت اختصم زيد واختصم عمرو لم يصح وكذلك إذا قلت هذان زيد وعمرو فالواو فيه جامعة غير مشركة لأنه لا يصح هذان زيد هذان عمر إذ لا يخبر عن الاثنين بواحد بخلاف هذان ضاحكان وهذان قائمان العامل في المعطوف وهذا يستدعي الكلام في شيء اختلف فيه أئمة العربية وهو العامل في المعطوف وفيه ثلاثة أقوال أحدها وهو قول سيبويه وجمهور المحققين أن العامل فيه العامل في المعطوف عليه فاذا قلت ضربت زيدا وعمرا فقد انتصبا جميعا ب ضربت والحرف العاطف دخل بمعناه وشرك بينهما وإنما عمل الفعل فيهما بواسطة حرف العطف وحجة هذا القول اختلاف العمل لاختلاف العامل المتقدم من رفع ونصب وخفض وجزم وقال أبو علي الفارسي وأبو الفتح بن جني العامل في المعطوف حرف العطف لأنه إنما وضع لينوب عن العامل ويغني عن إعادته فلما أغنت الواو في مثل قام زيد وعمرو عن إعادة قام مرة أخرى قامت مقامه فرفعت ما بعدها وكذلك في النصب والخفض والجزم وهذا اختيار ابن السراج أيضا واعترض الجمهور عليه بأن الحرف لا يعمل عند البصريين حتى يختص وحروف العطف غير مختصة فلا تصلح للعمل لأنها تدخل على الأسماء والأفعال والقول الثالث أن العامل في المعطوف فعل محذوف مقدر بعد حرف العطف من جنس الفعل العامل في المعطوف عليه وحرف العطف دال على ذلك المقدر وذكر ابن يعيش أن هذا اختيار الفارسي وابن جني وهو الأصح عنهما واختاره أيضا أبو القاسم السهيلي في نتائج الفكر واحتج عليه بالقياس والسماع أما القياس فإن ما بعد حرف العطف لا يعمل فيه ما قبله ولا يتعلق به إلا في باب المفعول معه كما سيأتي إن شاء الله تعالى قال وأيضا فإن النعت هو المنعوت في المعنى وليس بينه وبين المنعوت واسطة ومع ذلك فلا يعمل فيه ما يعمل في المنعوت في أصح القولين فكيف بالمعطوف الذي هو غير المعطوف عليه وبينهما واسطة وهو الحرف وأما السماع فالاتفاق على أنه يجوز إظهار الفعل ثانيا بعد حرف العطف فتقول قام زيد وقام عمرو وضربت زيدا وضربت عمرا ومنه قول الأنصاري ( بل بنو النجار إن لنا فيهم قتلى وإن تره ) والمراد قتلى وتره ثم أظهر إن فدل على ذلك