وها نحن نتعرض لدراسة هذه النظرية لنرى مدى صحّتها أو سقمها.
إنّ القرآن الكريم قد أشار وفي آيات متعدّدة إلى أنّه قد جرت سيرة العقلاء على طلب المعجزة والأُمور الخارقة للعادة من مدّعي النبوة، وقد نقل القرآن تلك السيرة عن الذين عاصروا الأنبياء من دون أن يعقب على ذلك بالردّ أو النقد، مثلاً ـ وبصريح القرآن ـ انّ قوم موسى ـ عليه السَّلام ـ قد طلبوا منه إنزال المطر ليتخلّصوا من حالة الجدب والجفاف التي كانوا يعيشونها في التيه، يقول سبحانه: ( ...وَ أَوحَيْنا إِلى مُوسى إِذ اسْتَسقاهُ قَومهُ أَنِ اضْرِب بِعَصاكَ الْحَجَر... ).(1)
قد يقال أنّه لا إشكال في طلب الأمر الخارق للعادة من الأحياء، ولكن الإشكال في طلبه من الموتى. ومن البديهي انّ الإجابة عن هذا المدّعى واضحة جداً، وذلك لأنّه ليس للموت والحياة مدخلية في وصف العمل المطابق لأصل التوحيد بنحو تارة يكون شركاً وأُخرى يكون عين التوحيد.
إنّ سليمان ـ عليه السَّلام ـ قد طلب من حضّار مجلسه إحضار عرش ملكة سبأ بطريقة خارقة للعادة، يقول سبحانه واصفاً تلك الحالة:
( قاَلَ يا أَيُّها المَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتيني بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُوني مُسْلِمِينَ قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الجِنّ أَنا ءَاتيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ... ).(2)
1 . الأعراف:160. 2 . النمل:38ـ 39.