عليه وآله وسلم)، فسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ابن الأهتم عن الزبرقان: كيف هو فيكم؟ ولم يسأل عنه قيساً لشيء قد علمه بينهما.
فقال له ابن الأهتم: مطاع في أذنيه، شديد العارضة، مانع لما وراء ظهره.
قال الزبرقان: والله لقد قال ما قال وهو يعلم أني أفضل مما قال.
قال عمرو: فإنك لزمر المرؤة، ضيق العطن، أحمق الأب، لئيم الخال.
ثم قال: يا رسول الله، لقد صدقت فيهما جميعاً؛ أرضاني فقلت بأحسن ما أعلم فيه، وأسخطني فقلت بأسوأ ما أعلم فيه.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): وإن من البيان لسحراً.
وكان يقال للزبرقان قمر نجد لجماله، وكان ممن يدخل مكة متعمماً لحسنه، وولاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صدقات قومه بني عوف.
وقال محمد بن إسحاق: ولما قدمت على رسول الله(صلى الله عليه وآله سلم) وفود العرب قدم عليه عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس التميمي في أشراف بني تميم منهم الأقرع بن حابس، والزبرقان ابن بدر التميمى ـ أحد بني سعد ـ وعمرو بن الأهتم، والحتحات بن يزيد، ونعيم بن يزيد، وقيس بن الحارث، وقيس بن عاصم أخو بني سعد في وفد عظيم من بني تميم.
قال ابن إسحاق: ومعهم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، وقد كان الأقرع بن حابس وعيينة شهدا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فتح مكة وحنين والطائف، فلما قدم وفد بني تميم كانا معهم، ولما دخلوا المسجد نادوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من وراء حجراته: أن أخرج إلينا يا محمد، فآذى ذلك رسول الله(صلى الله عليه وآله سلم) من صياحهم، فخرج إليهم فقالوا: يا محمد، جئناك نفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا.
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): قد أذنت لخطيبكم فليقل.
فقام عطارد بن حاجب فقال: الحمد لله الذي له علينا الفضل والمن وهو أهله، الذي جعلنا ملوكاً ووهب لنا أموالاً عظاماً نفعل فيها المعروف، وجعلنا أعزة أهل المشرق وأكثره عدداً وأيسره عدة، فمن مثلنا في الناس، ألسنا برؤوس الناس وأولى فضلهم، فمن فاخرنا فليعدد مثل ما عددنا، وإنا لو نشاء لأكثرنا الكلام ولكن نخشى من الإكثار فيما أعطانا، وإنا نعرف بذلك، أقول هذا لأن تأتوا بمثل قولنا، وأمر أفضل من أمرنا، ثم جلس.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لثابت بن قيس بن شماس أخي بنى الحارث ابن الخزرج: قم فأجب الرجل في خطبته.
فقام ثابت فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. ـ وفي رواية ـ فقال ثابت: وأيضاً والذي بعث محمداً بالحق، وأشار إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله سلم)، لتسمعن أنت وصاحبك في هذا المجلس ما لم ينفذ بمسامعكما مثله قط، ثم تكلم ثابت وذكر من عظمة الله وسلطانه وقدرته ما الله أهله، ثم ذكر به وألحق، فساق الأمر حتى انتهى إلى مبعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم قال: والذي بعث محمداً بالحق لئن لم تدخل أنت وصاحبك وقومكما في دين الله الذي أكرم به رسول الله وهدانا له ليطأن بلادكم بالخيل والرجال نصرا لله ولرسوله ولدينه، ثم ليقتلن الرجال وليسبين النساء والذرية، وليأخذن المال حتى يكون فيئاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه.
فقال الأقرع: أنت تقول ذاك يا ثابت؟ قال: نعم، والذي بعث محمداً بالحق، ثم سكت.
ثم قالوا: يا محمد ائذن لشاعرنا، فأذن له، فقام الزبرقان بن بدر فأنشد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لحسان: أنشدهم فأنشدهم حسان ثم سكت.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للأقرع وعيينة: قد سمعنا ما قلتما وسمعتما ما قلنا، فخرجا، فلما دخلوا أخذ أحدهما بيد صاحبه، قال الأقرع لعيينة: أسمعت ما سمعت، ما سكت حتى ظننت أن سقف البيوت سوف يقع علينا، فقال عيينة: أوجدت ذلك؟ والله لقد تكلم شاعرهم فما سكت حتى أظلم على البيت وحيل بيني وبين النظر إليك، وقال الأقرع: إن لهذا الرجل لشأناً، ثم دخلا بعد ذلك في الإسلام وكانا من المؤلفة