فيما رغبوا ، فما لبثوا أن لحقوا ، فاذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا المبلغ من كبر سنك ، ورسوخ عقلك ، وحضور أجلك ، فكيف يسلم الحدث في سنه الجاهل في علمه المأفون في رأيه ، المدخول في عقله ، إنا لله وانا اليه راجعون ، على من المعول به ، وعند من المستعتب ؟ . ونشكوا إلى الله بثنا ، وما نرى فيك ، ونحتسب عند الله مصيبتنا بك ، فانظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيراً وكبيراً ، وكيف أعظامك لمن جعلك بدينه في الناس جميلا ، وكيف صيانتك لكسوة من جعلك بكسوته في الناس ستيراً ، وكيف قربك أو بعدك ممن أراك أن تكون منه قريبا ذليلا ، مالك لا تنتبه من نعستك ، ولا تستقيل من عثرتك فتتول ، والله ما قمت لله مقاماً واحداً أحييت به دينا ، أوامت له به باطلا ، فهذا شكرك من استحملك ما أخوفني أن تكون كمن قال الله في كتابه(1) : ( اضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً ) . أستحملك كتابه ، واستودعك علمه فاضعتها فنحمد الله الذي عافانا مما أبتلاك به والسلام(2).
(1) سورة مريم آية 95. (2) بحار الانوار ج17 ص 213 ط ايران وتحف العقول لابن شعبه ص 66 والامام زين العابدين ص 159 للمقرم ط نجف.