وان العامل لثواب الآخرة هو الزاهد في عاجل زهرة الدنيا ، الآخذ للموت أهبته الحاث على العمل قبل فناء الأجل ، ونزول ما لا بد من لقائه ، وتقديم الحذر قبل الحين ، فان الله عز وجل يقول : ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب أرجعوني لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ) فلينزلن أحدكم اليوم نفسه كمنزلة المكدور الى الدنيا في هذه الدنيا النادم على ما فرط فيها من العمل الصالح ليوم فاقته ، وأعلموا عباد الله أنه من خاف البيات(1) تجافى عن الوساد ، وامتنع عن الرقاد ، وامسك عن بعض الطعام والشراب من خوف سلطان أهل الدنيا ، فكيف ويحك يا ابن آدم من خوف بيات سلطان رب العزة واخذه الاليم ، وبياته لاهل المعاصي والذنوب ، مع طوارق المنايا بالليل والنهار ، فذلك البيات الذي ليس له منجي ولا من دونه ملتجأ ، ولا منه مهرب ، فخافوا الله أيها المؤمنون من البيات خوف أهل اليقين ، وأهل التقوى ، فان الله يقول(2) : ( لمن خاف مقامي وخاف وعيد ) فاحذروا زهرة الحياة الدنيا وغرورها وسرورها ، وتذكروا ضررعاقبة الميل اليها ، فان زينتها فتنة ، وحبها خطيئة ، واعلم ويحك يا ابن آدم إن
(1) البيات الهجوم على الاعداء ليلا. (2) سورة ابراهيم ايه 14.