شهدت ليلة من الليالي بالبادية وكنت نازلاً عند رجل من بني الصَّيداء من أهل القَصيم فأصبحت وقد عزمت على الرجوع إلى العراق فأتيت أبا مَثْواي فقلت : إني قد هَلعْت من الغربة واشْتَقْتُ أهلي ولم أُفدْ في قَدْمتي هذه عليكم كبيرَ علم وإنما كنت أغْتَفر وحشة الغربة وَجَفاء البادية للفائدة فأظهر توجُّعاً ثم جفاء ثم أبرز غداء فتغديت معه وأمر بناقة له مَهْرية فارتحلها واكْتَفلها ثم ركب وأرْدَفَني وأَقْبَلَهَا مَطْلع الشمس فما سرنا كبير مسير حتى لَقيَنَا شيخٌ على حمار وهو يترنم فسلّم عليه صاحبي وسأله عن نسبه فاعْتَزَى أسدياً من بني ثعلبة فقال : أتُنشد أم تقول فقال : كُلاًّ فقال : أينَ تُؤم فأشار بيده إلى ماء قريب من الموضع الذي نحن فيه فأناخ الشيخ وقال لي : خذ بيد عمك فأنزلْه عن حماره ففعلت فألقى له كساء ثم قال : أنشدنا - يرحمك الله- وتصدَّق على هذا الغريب بأبيات يَعيهنّ عنك ويذكرك بهن فقال : إي ها الله إذاً!
ثم أنشدني : [ من الطويل ]