قرية بين القدس ونابلس
قال ذكر لي جماعة من العلماء أن سبب تأليف عبد الغني لمختصر السيرة أنه خرج ومعه بعض أصحابه إلى أن
قربا من دير فقعد المؤلف على جنب نهر وقصد صاحبه الدير فطرقه فخرج إليه راهب فقال ما دينك فقال مسلم
فقال من تتبع فقال محمداً رسول الله فقال اذكر لي نسبه وحاله فلم يكن عنده علم فقال ما أقريك شيئـاً
فرجع صاحب المؤلف إليه وقال ما قال له الراهب فقال له المؤلف شيئـاً من نسب النبي وأحواله فرجع إلى
الراهب وأخبره فقال له الراهب هذا ما هو منك هذا من ذلك الشيخ الجالس على النهر وكان الراهب رأى
الشيخ فأعجبه حاله فجاء إليه فذكر له شيئـاً كثيراً من أحوال سيدنا رسول الله ومعجزاته فأسلم
الراهب وحسن إسلامه 0 فأملى الشيخ عبد الغني رحمه الله مختصر السيرة الشريفة النبوية
فتأملت هذه الواقعة وما فيها من الفوائد من هداية الراهب وتعليم صاحب الشيخ وتأليفه لسيره وأحواله
والانتفاع به في حياته وبعد وفاته رحمه الله
فبدأت بنسبه الشريف
--------------------
9
لذلك ومن الله تعالى أسأل التوفيق والهداية إلى أقوم طريق وأن يجعله خالصـاً لوجهه الكريم إنه هو
السميع العليم
وأنا أقدم إليك أيها الناظر في كتابي هذا من الاعتذار ما ختم به الشاطبي رحمه الله قصيدته الموسومة
بحرز الأماني إذ يقول
ولكنها تبغي من الناس كفأها
أخا ثقة يعفو ويغضي تجملا
وليس لها إلا ذنوب وليها
فيا طيب الأنفاس أحسن تأولا
وقل رحم الرحمن حيـاً وميتـاً
فتى كان للانصاف والحلم معقلا
عسى الله يدني سعيه بجوازه
وإن كان زيفـاً غير خاف مزللا
فيا خير غفار ويا خير راحم
ويا خير مأمول جدي وتفضلا
أقل عثرتي وانفع بها وبقصدها
حنانيك يا الله يا رافع العلا
وهذا حين ابتدأ بحول الله وقوته وهو حسبي ونعم الوكيل
--------------------
11
باب في التعريف بنسبه الشريف والكلام عليه
روينا في كتاب السيرة عن ابن هشام أنه محمد بن عبد الله فمحمد اسم علم منقول من صفة من قولهم رجل محمد
أي كثير الخصال المحمودة والمحمد في اللغة هو الذي يحمد حمداً بعد حمد مرة بعد مرة فيه معنى
المبالغة والتكرار وهو في معنى محمود فاسمه مطابق لمعناه والله تعالى سماه به قبل أن يسمى فهذا علم
من أعلام نبوته إذ كان اسمه صادقـاً عليه فهو عليه السلام محمود في الدنيا والآخرة في الدنيا بما
نفع به من العلم والحكمة وفي الآخرة بشفاعته فقد تكرر معنى الحمد
ثم إنه لم يكن محمداً حتى كان أحمد حمد ربه فنبأه وشرفه فلذلك تقدم اسم أحمد على محمد فذكره عيسى
عليه السلام في قوله (ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) فبأحمد ذكر قبل أن يذكر بمحمد لأن حمده
--------------------
12