فإن تموج النور حين طلوع الشمس وتشبيهه بالمرآة في اليد المرتعشة التي تتموّج انعكاساتها، يحتاج إلى فكر وتأمّل.
ثم ان تشبيه التمثيل ينقسم إلى قسمين:
الاول: ما كان ظاهر الاداة، كقوله تعالى: (مثل الذين حُمِّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً) (1) .
الثاني: ما كان خفيّ الأداة، كقولك للمتحيّر: (أراك تقدّم رجلاً وتؤخّر أخرى) إذ الاصل: أراك في تردّدك، كمن يقدّم رجلاً، ثم يؤخّرها مرّة اُخرى.
وبما ذكرناه من أصل المعنى ارتفع الإشكال، بأن المتحيّر لايؤخّر رجلاً أخرى، وانما يؤخّر الرجل التي قدمّها، وظهرت الاداة المحذوفة وهي المكان الّتي اختفت في اللّفظ.
لتشبيه التمثيل موارد كالتالي:
1 ـ أن يأتي في مفتتح الكلام وصدر المقال، فيكون برهاناً مصاحباً فيفيد ايحاء المعنى إلى النفس مؤيّداً بالبرهان، وهذا في القرآن كثير، قال تعالى: (مثل الّذين يُنفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبّة أنبتتْ سبع سنابل في كلّ سنبلة مائة حبّة) (2) .
2 ـ أن يأتي بعد تمام المعنى واستيفاء الكلام، فيكون برهاناً عقيب الدعوى فيفيد اثباتها وتأكيدها، وهذا يكون لأحد أمرين:
أ ـ أنّه يكون دليلاً على امكان الدعوى كقوله:
ادعى أنه مع اقامته فيهم ليس منهم، وهذا يبدو مستحيلاً عادةً، فاستدلّ له بهذا المثل وهو: أنّ الذهب مقامه في التراب وهو غيره ليدفع به ما ظهر مستحيلاً.
ب ـ أنّه يكون تأييداً للمعنى الثابت في الدعوى، كقوله:
أدوات التشبيه ألفاظ تدل على المماثلة، وهي على أقسام:
1 ـ أن تكون حرفاً، كـ (الكاف) و(كانَّ).
2 ـ أن تكون اسماً، كـ (مثل) و(شبه).
3 ـ أن تكون فعلاً كـ (يحكي) و(يضاهى).
وهي قد يلفظ بها، نحو: (زيد كالاسد).
وقد لايلفظ بها، نحو: (أخلاقه ماء زلال...).
والغالب في (الكاف) و(مثل) و(شبه) ونحوها، أن يليها المشبه به لفظاً نحو (زيد كالأسد) أو تقديراً نحو قوله تعالى: (أو كصيّب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق)(3) فإنه بتقدير: أو كمَثَل ذوي صيّب.
كما أن الغالب في (كأنّ) و(شابه) و(ماثل) ونحوها، أن يليها المشبّه، نحو قوله: (كأنّ زيد أسد).
وينقسم (التشبيه) باعتبار أداته إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ التشبيه المرسل، وهو ما ذكرت فيه الاداة، وتسميته بالمرسل، لإرساله عن التأكيد، نحو:
2 ـ التشبيه المؤكّد، وهو ما حذفت منه أداة التشبيه، كقوله:
ويسمى (مؤكّداً) لإيهامه أن المشّبه عين المشبّه به.
3 ـ التشبيه البليغ، وهو ما حذف فيه أداة التشبيه ووجه الشبه، ويسمّى بليغاً، لبلوغه نهاية الحسن